للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد بين ذلك البخاري، فيما رواه عن الحسن البصري، قال: «استقبل - والله- الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو ابن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية - وكان والله خير الرجلين -: أي عمرو، إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس؟ من لي بنسائهم؟ من لي بضيعتهم؟ فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس: عبد الرحمن بن سمرة (١) وعبد الله بن عامر بن كريز (٢)، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرضا عليه، وقولا له، واطلبا إليه، فأتياه فدخلا عليه فتكلما، وقالا له فطلبا إليه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك، قال فمن لي بهذا؟ قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئاً إلا قالا: نحن لك به، فصالحه، فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله على المنبر، والحسن بن علي إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة وعليه أخرى، ويقول: «إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» (٣).

المثال الرابع: إصلاح بين مزارعين في سقي الماء، روى البخاري ومسلم عن


(١) هو صاحب رسول الله ، عبد الرحمن بن سمرة بن حبيب بن عبد شمس القرشي، أبو سعيد: صحابي، من القادة الولاة، أسلم يوم فتح مكة، وسكن البصرة، وافتتح سجستان وكابل وغيرهما، وولي سجستان، وغزا خراسان ففتح بها فتوحا، ثم عاد إلى البصرة، فتوفي فيها سنة (٥٠) هـ، انظر تهذيب الكمال (٧/ ١٥٧)، والأعلام للزركلي (٣/ ٣٠٧).
(٢) عبد الله بن عامر بن كريز بن ربيعة الأموي، أبو عبد الرحمن، أمير، فاتح، ولد بمكة، وولي البصرة في أيام عثمان سنه ٢٩ هـ، فوجه جيشاً إلى سجستان، فافتتحها صلحاً، وشهد وقعة الجمل مع عائشة، ولم يحضر وقعة صفين، مات بمكة، ودفن بعرفات سنة (٥٩) هـ، انظر: الأعلام للزركلي (٤/ ٩٤).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه. انظر فتح الباري (٥/ ٣٦١) ح (٢٧٠٤).

<<  <   >  >>