للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الإصلاح، فليرجع إليه (١).

المثال الثالث: الإصلاح بين الصحابة، حينما اختلفوا في الفيء، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ١].

تضمنت هذه الآية مثالاً آخر في الإصلاح بين الصحابة ، حينما اختلفوا في شأن الأنفال، كما مر ذكر ذلك، وشرحه، وبيان دلالة الآية على الإصلاح (٢).

[المطلب الثاني: أمثلة من الإصلاح في السنة]

المثال الأول: الإصلاح بين متخاصمين في دَين، روى البخاري ومسلم عن عَبْد اللَّهِ بْنُ كَعْبٍ (٣): أَنَّ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ تَقَاضَى ابْنَ أَبِي حَدْرَدٍ (٤) دَيْنًا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ فِي الْمَسْجِدِ، فَارْتَفَعَتْ أَصْوَاتُهُمَا، حَتَّى سَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ ، وَهُوَ فِي بَيْتٍ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْهِمَا، حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ (٥) حُجْرَتِهِ، فَنَادَى كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ، فَقَالَ: «يَا كَعْبُ»، فَقَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّه، فَأَشَارَ بِيَدِهِ: أَنْ ضَعْ الشَّطْرَ، فَقَالَ كَعْبٌ: قَدْ فَعَلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ


(١) انظر ص (١٨) وما بعدها.
(٢) انظر ص (٢٥) وما بعدها.
(٣) هو عبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري المدني، ثقة، يقال: له رؤية مات سنة سبع أو ثمان وتسعين، انظر: تقريب التهذيب (١/ ٥٢٥).
(٤) هو الصحابي الجليل عبد الله بن أبي حدرد، واسمه سلامة، وقيل: عبيد بن عمير بن أبي سلامة بن سعد بن سنان بن الحارث بن عبس بن هوازن بن أسلم بن أفصى الأسلمي، أبو محمد، له ولأبيه صحبة، مات سنة إحدى وسبعين، وله إحدى وثمانون سنة، انظر: الإصابة في تمييز الصحابة (٤/ ٥٤).
(٥) سجف: - بكسر المهملة، وسكون الجيم، وحكي فتح أوله - وهو الستر، وقيل: أحد طرفي الستر المفرج، انظر: الفتح (١/ ٦٥٨).

<<  <   >  >>