للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد تضمن هذا الحديث الشريف بمجموع طرقه وألفاظه فضل الإصلاح من وجوه:

الأول: افتتاح الكلام بأداة التنبيه «ألا»، وهذا يقتضي أهمية الأمر وحتمية الانتباه له.

الثاني: أنه سماه تجارة، وهو من التجارة الرابحة عند الله.

الثالث: أنه سماه عملا يرضاه الله ورسوله.

الرابع: أنه سماه صدقة يرضاها الله ورسوله.

وهذا يدل على فضل الإصلاح وأهميته، ومحبة الشارع له، والمسلم يحرص على ما يحبه الله ورسوله ويرضاه، ويسعى لتحصيله، ويبادر إلي العمل به.

الحديث الخامس: روى البخاري ومسلم عن أَبي هريرة قَالَ: قَالَ رَسُول الله : «كُلُّ سُلَامَى (١) مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ: تَعْدِلُ بَيْنَ الاثْنَينِ صَدَقَةٌ (٢)، وَتُعينُ الرَّجُلَ في دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا، أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقةٌ، وَبِكُلِّ خَطْوَةٍ تَمشِيهَا إِلَى الصَّلاةِ صَدَقَةٌ، وَتُميطُ الأَذى عَنِ الطَّريقِ صَدَقَةٌ» (٣)

لقد ركب الله الإنسان من ثلاثمائة وستين مفصلا كما في الحديث الصحيح (٤)، فينبغي له كلما طلعت شمس يوم كما في هذا الحديث أن يتصدق بعدد مفاصله


(١) هو المفصل، قاله الحافظ في الفتح (٥/ ٣٦٤).
(٢) أي: تُصْلِحُ بينهما بالعدل، انظر الديباج على مسلم (٣/ ٤٨).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه، انظر الفتح (٦/ ١٥٤) ح (٢٩٨٩)، ومسلم في صحيحه (٢/ ١٥٨) ح (١٧٠٤)، وانظر: اللؤلؤ والمرجان فيما اتفق عليه الشيخان (١/ ٢٨٣).
(٤) ولفظه: (إِنَّهُ خُلِقَ كُلُّ إِنْسَانٍ مِنْ بَنِى آدَمَ عَلَى سِتِّينَ وَثَلَاثِمَائَةِ مَفْصِلٍ … ) رواه مسلم في صحيحه (٢/ ٦٩٨) ح (١٠٠٧).

<<  <   >  >>