يرشد الله إلى أن المطلقات ينتظرن بأنفسهن ثلاث حيض، ولا يجوز لهن كتمان ما في أرحامهن من الحمل وغيره، ثم بين أن أزواجهن أحق بردهن، إذا أرادوا الإصلاح لا الإضرار والمشاقة عليهن، ثم بين أن لهن من الحقوق على الأزواج مثل ما عليهن لهم، وإن كان الرجال أفضل منهن درجة.
قال السعدي:«قوله تعالى: ﴿وَالْمُطَلَّقَاتُ﴾ أي: النساء اللاتي طلقهن أزواجهن، ﴿يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ﴾ أي: ينتظرن ويعتددن مدة ﴿ثَلاثَةَ قُرُوءٍ﴾ أي: حيض، أو أطهار، على اختلاف العلماء في المراد بذلك، مع أن الصحيح أن القرء: الحيض .. أوجب تعالى عليهن الإخبار عن ﴿مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ﴾ وحرم عليهن كتمان ذلك، من حمل أو حيض؛ لأن كتمان ذلك يفضي إلى مفاسد كثيرة»، إلى أن قال:
«فلهذا قال تعالى: ﴿وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ﴾ فصدور الكتمان منهن دليل على عدم إيمانهن بالله واليوم الآخر، وإلا فلو آمنّ بالله واليوم الآخر، وعرفن أنهن مجزيات عن أعمالهن، لم يصدر منهن شيء من ذلك، ثم قال تعالى: ﴿وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ أي: لأزواجهن ما دامت متربصة في تلك العدة، أن يردوهن إلى نكاحهن ﴿إِنْ أَرَادُوا إِصْلاحًا﴾ أي: رغبة وألفة ومودة.
ومفهوم الآية: أنهم إن لم يريدوا الإصلاح، فليسوا بأحق بردهن، فلا يحل لهم أن يراجعوهن، لقصد المضارة لها، وتطويل العدة عليها، وهل يملك ذلك مع هذا القصد؟ فيه قولان:
الجمهور على أنه يملك ذلك مع التحريم، والصحيح: أنه إذا لم يرد الإصلاح لا يملك ذلك، كما هو ظاهر الآية الكريمة، وهذه حكمة أخرى في هذا التربص، وهي: أنه ربما أن زوجها ندم على فراقه