للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دل هذا الحديث العظيم على فضل الإصلاح، من جهة أن الله أباح لمن تحمل حمالة من أجل الإصلاح، أن يسأل قدر حاجته، مع أن المسألة في الأصل حرام، كما دلت على ذلك النصوص الكثيرة، ومنها هذا الحديث، لكن لما كانت بسبب الإصلاح رفع الإثم عن صاحبها، ويؤكد ذلك أقوال العلماء عند شرحهم لهذا الحديث.

قال الخطابي: «تفسير الحمالة، أن يقع بين القوم التشاجر في الدماء والأموال، ويحدث بسببهما العداوة والشحناء، ويخاف من ذلك الفتق العظيم، فيتوسط الرجل فيما بينهم، ويسعى في إصلاح ذات البين، ويتضمن مالاً لأصحاب الطوائل يترضاهم بذلك، حتى تسكن الثائرة وتعود بينهم الألفة» (١).

وقال البيهقي في شعب الإيمان: «وأباح رسول الله لمن تحمل حمالة في إصلاح ذات بين أن يأخذ من الصدقات ما يستغني به على قضاء دينه، وإن لم يكن فقيراً، وذلك راجع إلى الترغيب في الإصلاح وتخفيف الأمر على القائمين به؛ ليكون تخفيفه عليهم مبعثا له على الدخول فيه» (٢).

وقال صاحب مرقاة المفاتيح: «قوله: "تحملت حمالة" بفتح الحاء وتخفيف الميم، وهو المال يتحمله الإنسان عن غيره من دية أو غرامة، كأن يقع حرب بين فريقين، ويسفك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل يتحمل ديات القتلى؛ ليصلح ذات البين، والتحمل: أن يحملها عنهم على نفسه، أي: يتكفلها ويلتزمها في ذمته» (٣).

وذكر الطحاوي في معاني الآثار، وشرح مشكل الآثار أنه جاء في بعض طرق


(١) معالم السنن (٢/ ٢٣٧).
(٢) شعب الإيمان (٢٠/ ٢١٤).
(٣) مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (٦/ ٢٥١).

<<  <   >  >>