للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال الترمذي بعد تصحيحه للحديث: ويروى عن النبي أنه قال: «هي الحالقة، لا أقول: تحلق الشعر، ولكن تحلق الدين» (١).

ابتدأ النبي هذا الحديث بأداة التنبيه: «ألا»، وهي تقتضي أهمية المنبه عليه

وهو هنا: الإصلاح، وأخبر أنه أفضل من درجة الصلاة، والصيام، والصدقة (٢).

قال الطيبي في شرح هذا الحديث:

«فيه حث وترغيب في إصلاح ذات البين، واجتناب عن الإفساد فيها؛ لأن الإصلاح سبب للاعتصام بحبل الله وعدم التفرق بين المسلمين، وفساد ذات البين ثلمة في الدين، فمن تعاطى إصلاحها ورفع


(١) قال عنه الألباني: «حسن لغيره»، كما في صحيح الترغيب والترهيب (٣/ ٧٠) ح (٢٨١٤)، والحديث أخرجه الترمذي في سننه (٤/ ٦٦٤) ح (٢٥١٠) بعد حديث الباب بلفظ: «دب إليكم داء الأمم: الحسد والبغضاء هي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين … ) الحديث، وسنده حسن كما في صحيح الترمذي (٢/ ٣٠٧) ح (٢٠٣٨)، وقال عنه المنذري في الترغيب (٣/ ٤٢٥)، والهيثمي في مجمع الزوائد (٨/ ٣٠): «إسناده جيد».
(٢) اختلف العلماء في وجه تفضيل الإصلاح على الصلاة، والصيام، والصدقة، فقال بعضهم: المراد بذلك صلاة وصيام وصدقة النافلة والتطوع، لا الفرض، وقال آخرون: بل المراد الفرائض، لكن مع توجيه الحديث، قال القاري في مرقاة المفاتيح (١٤/ ٣٤٠): (المراد أن يكون الإصلاح في فساد يتفرع عليه سفك الدماء، ونهب الأموال، وهتك الحرم أفضل من فرائض هذه العبادات القاصرة، مع إمكان قضائها على فرض تركها، فهي من حقوق الله التي هي أهون عنده سبحانه من حقوق العباد، فإذا كان كذلك فيصبح أن يقال: هذا الجنس من العمل أفضل من هذا الجنس؛ لكون بعض أفراده أفضل، كالبشر خير من الملك، والرجل خير من المرأة، وانظر: تحفة الأحوذي (٦/ ٦٨).

<<  <   >  >>