للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكل ذَلِكَ حيث لا يأتي الملك في صورة الرجل، أما حيث يأتي في صورة الرجل فلا؛ ففي حديث أبي هريرة في سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام أنه أتى في صورة أعرابي (١)، وفِي حديث أم سلمة أنها رأت جبريل في صورة دِحْيَة (٢)، إلَى غير ذَلِكَ من الأحاديث.

وللحُميدي في "مسنده" (٣)، عن ابن عيينة، عن هشام في حديث الباب [٢٩/ أ]: "ويأتيني أحيانًا في مثل صورة الفتى فينبذه إلَيَّ فأعيه وهو أهونه عليَّ"، فتبين موقع أفعل في قوله: "وهو أشده عليَّ".

وفي هذا الحديث من الفوائد: أن السؤال عن الكيفية لطلب الطمأنينة لا يقدح في اليقين، وأن الصحابة كانوا يسألون النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأمور الَّتِي لا تُدرك بالحس فيخبرهم بِها ولا ينكر ذَلِكَ عليهم.

قوله: (ليتفصد) بالفاء، أي: يسيل منه العرق كما يسيل الدم بالفصد، ومن قاله بالقاف فقد صحف. و (عرقًا): منصوب عَلى التمييز.

* تنبيه:

قَالَ الإسماعيلي: كَانَ المناسب أن يقدم الحديث الذِي بعد هذا؛ لأنه أليق بالترجمة.

وأقول: لا أثر للتقديم والتأخير هنا ولو لم تظهر المناسبة، فضلًا عن أنّا قدمنا أنه أراد البداءة بالتحديث عن إمامي الحجاز، فبدأ بمكة وثنى بالمدينة، ولا يلزم أن تتعلق جَميع أحاديث الباب ببدء الوحي، بل يكفي أن يتعلق بذلك وبما يتعلق به وبما يتعلق بالآية أيضًا، فاندفع الاعتراض.


(١) أخرجه البُخَاريّ في "صحيحه" (كتاب تفسير القرآن، باب: قوله تعالَى: {إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ} برقم (٤٧٧٧)، وَمُسْلِم في "صحيحه" (كتاب الإيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان) برقم (٩).
(٢) أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام) برقم (٣٦٣٤)، وفِي (كتاب فضائل القرآن، باب: كيف نزل الوحي) برقم (٤٩٨٠)، ومُسْلِم في "صحيحه" (كتاب فضائل الصحابة، باب: من فضائل أم سلمة) برقم (٢٤٥١).
(٣) "مسند الحميدي" (١/ ١٢٤ - ١٢٥) برقم (٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>