للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٧ - بَابُ: سُؤَالِ جِبْرِيلَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الإِيمَانِ وَالإِسْلَامِ وَالإِحْسَانِ وَعِلْمِ السَّاعَةِ

وَبَيَانِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ، ثُمَّ قَالَ: "جَاءَ جِبْرِيلُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يُعَلِّمُكُمْ دِينَكُمْ"؛ فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ دِينًا، وَمَا بَيَّنَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِوَفْدِ عَبْدِ القَيْسِ مِنَ الإِيمَانِ، وَقَوْلِ الله تَعَالَى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} [آل عمران: ٨٥].

قوله: (باب سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام إلَى آخره) تقدم أن المصنف يرى أن الإيمان والإسلام عبارة عن معنى واحد، فلما كَانَ ظاهر سؤال جبريل عن الإيمان والإسلام يقتضي تغايرهما؛ وأن الإيمان: تصديق بأمور مَخصوصة، والإسلام: إظهار أعمال مخصوصة؛ أراد أن يرد ذَلِكَ بالتأويل إلَى طريقته.

قوله: (وبيان) أي: مع بيان أن الاعتقاد والعمل دين.

وقوله: (وما بَيَّن) أي: مع ما بَين للوفد أن الإيمان هو الإسلام حيث فسره في قصتهم بما فسر به الإسلام هنا [٩٣ / ب].

وقوله: (وقول الله) أي: مع ما دلت عليه الآية أن الإسلام هو الدين، فاقتضى ذَلِكَ أن الإسلام والإيمان أمر واحد، هذا محصل كلامه، وقد نقل أبو عوانة الإسفراييني في "صحيحه" عن المزني صاحب الشافعي الجزم بترادفهما سمع ذلِكَ منه. وعن الإمام أَحْمَد الجزم بتغايرهما (١)، ولكلٍّ من القولين أدلة متعارضة.

وَقَالَ الخطابي: صنف في المسألة إمامان كبيران، وأكثرا من الأدلة للقولين، وتباينا في ذَلِكَ، والحق أن بينهما عمومًا وخصوصًا، فكل مؤمن مُسْلِم، وليس كل مُسْلِم مؤمنًا. انتهى كلامه ملخصًا.

ومقتضاه أن الإسلام لا يطلق عَلى الاعتقاد والعمل معًا، بخلاف الإيمان فإنه يطلق


(١) "مسند أبي عوانة" (كتاب الإيمان، باب: بيان التشديد في الَّذِي يقتل نفسه. . .) (١/ ٥٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>