وَاحْتَج بَعْضُ أهْلِ الْحِجَازِ في الْمُنَاوَلَةِ بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَيْثُ كَتَبَ لأمِيرِ السَّرِيَّةِ كِتَابًا وَقَالَ:"لَا تَقْرَأْهُ حَتى تَبْلغُ مَكَانَ كَذَا وَكَذَا". فَلَمَّا بَلَغَ ذلكَ الْمَكَانَ قَرَأَهُ عَلَى النَّاسِ، وَأخْبَرَهُمْ بِأَمْرِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -.
قَوْلُهُ:(باب ما يذكر في المناولة) لما فرغ من تقرير السماع والعرض أردفه ببقية وجوه التحمل المعتبرة عند الجمهور.
فمنها: المناولة، وصورتها: أن يعطي الشيخ الطالب الكتاب فيقول له: هذا سماعي من فلان، أو هذا تصنيفي فاروه عني.
وقد قدمنا صورة عرض المناولة، وهي إحضار الطالب الكتاب، وقد سوغ الجمهور الرواية بِها، وردها من رد عرض القراءة من باب الأوْلَى.
قَوْلُهُ:(إلَى البلدان) أي: إلَى أهل البلدان، وكتاب: مصدر، وهو متعلق "إلَى"، وذَكَر البلدان عَلى سبيل المثال، وإلا فالحكم عام في القرى وغيرها.
والمكاتبة من أقسام التحمل، وهي: أن يكتب الشيخ حديثه بخطه، أو يأذن لمن يثق به بكتبه، ويرسله بعد تحريره إلَى الطالب، ويأذن له في روايته عنه.
وقد سوى المصنف بينها وبين المناولة، ورجح قوم المناولة عليها لحصول المشافهة فيها بالإذن دون المكاتبة، وقد جَوَّزَ جماعة من القدماء إطلاق الإخبار فيهما، والأولى ما عليه المحققون من اشتراط بيان ذَلِكَ.
قَوْلُهُ:(نسخ عُثْمَان المصاحف) هو طرف من حديث طويل يأتي الكلام عليه في