للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأمَّا ما تحمل (١) له السُّهَيْلي من أن ورقة كَانَ عَلى اعتقاد النصارى في عدم نبوة عيسى ودعواهم أنه أحد الأقَانِيم فهو مُحال لا يعرج عليه في حق ورقة وأشباهه ممن لم يدخل في التبديل ولم يأخذ عمن بدَّل، عَلى أنه قد ورد عند الزُّبَيْر بن بَكَّار من طريق عبد الله بن مُعاذ، عن الزُّهري في هذه القصة أن ورقة قَالَ: "ناموس عيسى"، والأصح ما تقدم، وعبد الله بن معاذ ضعيف.

نعم؛ في "دلائل النبوة" لأبي نُعيم بإسناد حسن إلَى هشام بن عروة، عن أبيه في هذه القصة: أن خديجة أولًا أتت ابن عمها ورقة فأخبرته، فقال: لئن كنت صدقتني إنه ليأتيه (٢) ناموس عيسى الَّذِي لا يُعَلِّمه بنو إسرائيل أبناءهم. فعلى هذا فكان ورقة يقول تارة: ناموس عيسى، وتارة: ناموس موسى، فعند إخبار خديجة له بالقصة قَالَ لَها: ناموس عيسى، بحسب ما هو فيه من النصرانية، وعند إخبار النبي - صلى الله عليه وسلم - له قَالَ له: ناموس موسى للمناسبة الَّتِي قدمناها، وكلٌّ صحيح، والله -سبحانه وتعالى- أعلم.

قوله: (يا ليتني فيها جذع).

كذا رواية الأصِيلي، وعند الباقين: "يا ليتني فيها جَذَعًا" بالنصب عَلى أنه خبر كَانَ المقدرة، قاله الخطابي، وهو مذهب الكوفيين في قوله تعالَى: {انْتَهُوا [٣٢/ب] خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: ١٧١]. وَقَالَ ابن بري: التقدير هنا: يا ليتني جعلت فيها جذعًا، وقيل: النصب عَلى الحال إذا جعلت فيها خبر ليت، والعامل في الحال ما يتعلق به الخبر من معنى الاستقرار، قاله السُّهَيْلي، فضمير "فيها" يعود عَلى أيام الدعوة.

والجذع -بفتح الجيم والذال المعجمة-: هو الصغير من البهائم، كأنه تمنى أن يكون عند ظهور الدعاء إلَى الإسلام شابًا ليكون أمكن لنصره، ولهذا تبين سر وصفه بكونه كَانَ كبيرًا أعمى.


(١) في الفتح: "تمحل".
(٢) في الأصل: "لا يأتيه"، والمثبت من الفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>