للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفِي رواية الأَصِيلي: (أجودَ) بالنصب عَلى أنه خبر كَانَ، وتعقب بأنه يلزمه منه أن يكون خبرها اسمها، وأجيب بجعل اسم كَانَ ضمير النبي - صلى الله عليه وسلم - و"أجود" خبرها، والتقدير: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مدة كونه في رمضان أجود منه في غيره.

قَالَ النووي: الرفع أشهر والنصب جائز، وذكر أنه سأل ابن مالك عنه فخَرَّج الرفع من ثلاثة أوجه، والنصب من وجهين، وذكر ابن الحاجب في أماليه للرفع خَمسة أوجه، توارد مع ابن مالك منها في وجهين وزاد ثلاثة، ولم يعرج عَلى النصب.

قُلْتُ: ويرجح الرفع وروده بدون "كَانَ" عند المؤلف في الصوم.

قوله: (فيدارسه القرآن).

قيل: الحكمة فيه أن مدارسة القرآن تجدد له العهد لمزيد غنى النفس، والغنى سبب الجود، والجود في الشرع: إعطاء ما ينبغي [٣٥/ ب] لمن ينبغي، وهو أعم من الصدقة، وأيضًا فرمضان موسم الخيرات، لأن نعم الله عَلى عباده فيه زائدة عَلى غيره، فكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤثر متابعة سنة الله تعالَى في عباده.

قوله: (فلرسول الله) اللام للابتداء وزيدت على المبتدأ تأكيدًا، وهي جواب قسم مقدر.

و(المرسلة)، أي: المطلقة؛ يعني: أنه في الإسراع بالجود أسرع من الريح.

وَقَالَ النووي: في الحديث فوائد؛ منها: الحث عَلى الجود في كل وقت والزيادة منها في رمضان وعند الاجتماع بأهل الصلاح، وفيه زيارة الصلحاء وأهل الفضل وتكرار ذلِكَ إذا كَانَ المزور لا يكرهه، واستحباب الإكثار من القراءة في رمضان، وكونها أفضل من سائر الأذكار؛ إذ لو كَانَ الذكر أفضل أو مساويًا لفعلاه، فإن قيل: المقصود تَجويد الحفظ، قلنا: الحفظ كَانَ حاصلًا والزيادة فيه خصل ببعض المجالس، وأنه يجوز أن يُقال: رمضان من غير إضافة، وغير ذَلِكَ مما يظهر بالتأمل.

قُلْتُ: فيه إشارة إلى أن ابتداء نزول القرآن كَانَ في رمضان، فكان جبريل يتعاهده في كل سنة فيعارضه بما نزل عليه، فلما كَانَ العام الَّذِي توفي فيه عارضه به مرتين كما ثبت في الصحيح عن فاطمة -عَلَيْهَا السَّلام-، وبهذا يجاب من سأل عن مناسبة إيراد هذا الحديث في هذا الباب، والله الموفق للصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>