للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقوله: (وهو الَّذِي يزعم) في رواية ابن إسحاق عن الزهري: "يدعي" (١)، وزعم: قَالَ الجوهري -وحكاه أيضًا ثعلب وجماعة-: هِيَ بمعنى قَالَ، كما ستأتي في قصة ضِمَام في كتاب العلم.

قُلْتُ: وهو كثير، ويأتي في موضع الشك غالبًا.

قوله: (واجعلوهم عند ظهره) أي: لئلا تستحيوا أن تواجهوه بالتكذيب إن كذب [٣٧/أ]، وقد صرح بذلك الواقدي في روايته.

وقوله: (إن كَذَبني) بتخفيف الذال، أي: إن نَقَل إليَّ الكذب.

قوله: (قَالَ) أي: أبو سفيان، وسقط لفظ "قَالَ" من رواية كريمة وأبي الوقت فأشكل ظاهره، وبإثباتها يزول الإشكال.

قوله: (فوالله لولا الحياء من أن يأثروا) أي: ينقلوه.

(لكذبت عليه)، وللأصيلي: "عنه"، أي: عن الإخبار بحاله.

وفيه دليل عَلى أنهم كانوا يستقبحون الكذب إما بالأخذ عن الشرع السابق أو بالعرف.

وفِي قوله: "يأثروا" دون قوله: "يكذبوا" دليل عَلى أنه كَانَ واثقًا منهم بعدم التكذيب أن لو كذب؛ لاشتراكهم معه في عداوة النبي - صلى الله عليه وسلم -، لكنه ترك ذَلِكَ استحياءً وأنفة من أن يتحدثوا بذلك بعد أن يرجعوا (٢) فيصير عند سامعي ذَلِكَ كذابًا، وفي رواية ابن إسحاق التصريح بذلك، ولفظه: "فوالله لو قد كذبت ما ردُّوا علي، ولكنني كنت امرأ سيدًا أتكرم عن الكذب وعلمت أنه أيسر (٣) ما في ذَلِكَ إن أنا كذبتُ أن يَحفظوا ذَلِكَ عني، ثم يتحدثوا به، فلم أكذبه" (٤).


(١) أخرجه الطبري في "تاريخه" (٢/ ١٢٩).
(٢) تصحفت في الأصل إلَى: "يرجوا".
(٣) تصحفت في الأصل إلَى: "وعليه أنه أتعسر"، والمثبت من "الفتح".
(٤) أخرجه الطبري في "تاريخه" (٢/ ١٢٩)، وابن عساكر في "تاريخه" (٢٣/ ٤٢٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>