للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الظاهر أن إخبار هرقل بذلك بالجزم كَانَ عن العلم المقرر عنده في الكتب السالفة.

قوله: (لقلت: رجل تأسَّى بقول) كذا للكشميهني، ولغيره: "يتأسى" بتقديم الياء المثناة من تحت، وإنما لم يقل: "فقلت" إلا في هذا وفي قوله: "هل كَانَ من آبائه من مَلِك؟ " لأن هذين المقامين مقام فكر ونظر؛ بخلاف غيرهما من الأسئلة فإنها مقام نقل.

قوله: (فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه) هو معنى قول أبي سفيان: "بل ضعفاؤهم"، ومثل ذلك يتسامح به لاتحاد المعنى. [٣٨/ ب]

وقول هرقل: (وهم أتباع الرسل) فمعناه: أن أتباع الرسل في الغالب أهل الاستكانة، لا أهل الاستكبار الذين أصرُّوا عَلى الشقاق بغيًا وحسدًا كأبي جهل وأشياعه إلَى أن أهلكهم الله تعالَى، وأنقذ بعد حين من أراد سعادتهم منهم.

قوله: (وكذلك الإيمان) أي: أمر الإيمان؛ لأنه يظهر نورًا ثم لا يزال في زيادة حَتَى يتم بالأمور المعتبرة فيه من صلاة وصيام وغيرهما، ولهذا نزلت في آخر سِني النبي - صلى الله عليه وسلم -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [المائدة: ٣]، ومنه: {وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ} [التوبة: ٣٢]. وكذا جرى لأتباع النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يزالوا في زيادة حَتَى كمل بهم ما أراد الله من إظهار دينه وتمام نعمته، فله الحمد والمنة.

قوله (حين يُخالط بشاشةَ القلوب) هكذا روي بالنصب، والقلوب: مضاف، أي: يخالط الإيمان انشراح الصدر، وروي: "بشاشةُ القلوب" بالضم، والقلوب مفعول؛ أي: يخالط بشاشة الإيمان -وهو شرحه- القلوب التِي يدخل فيها. زاد المصنف في الإيمان (١) [لا يسخطه أحد] (٢)، وزاد ابن السكن في روايته في "معجم الصحابة": "يزداد به عَجَبًا وفرحًا"، وفي رواية ابن إسحاق: "وكذلك حلاوة الإيمان لا تدخل قلبًا فتخرج منه" (٣).

قوله: (وكذلك الرسل لا تغدر) لأنها لا تطلب حظ الدنيا الَّذِي ينال طالبه بالغدر بخلاف من طلب الآخرة، ولم يعرج هرقل عَلى الدسيسة الَّتِي دسها أبو سفيان كما تقدم.


(١) "صحيح البخاري" (كتاب الإيمان) رقم (٥١).
(٢) سقطت من الأصل، وأثبتناها من الفتح.
(٣) أخرجه الطبري في "تاريخه" (٢/ ١٢٩)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٣/ ٤٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>