الواو في قوله:"وكان" عاطفة، والتقدير: عن الزهري: أَخْبَرَنِي عُبيد الله فذكر الحديث، ثم قَالَ الزُّهري: وكان ابن النَّاطور يُحدِّث، فذكر هذه القصة، فهي موصولة إلَى ابن النَّاطور، لا معلقة كما زعم بعض من لا عناية له بهذا الشأن، وكذلك أغرب بعض المغاربة فزعم أن قصة ابن الناطور مروية بالإسناد المذكور عن أبي سفيان عنه، وكأنه لما رآها لا تصريح فيها بالسماع حملها عَلى ذَلِكَ، وقد بين أبو نُعيم في "دلائل النبوة" أن الزهري قَالَ: لقيته بدمشق في زمن عبد الملك بن مروان، وأظنه لم يتحمل عنه ذَلِكَ إلا بعد أن أسلم، وإنما وصفه بكونه سُقُفًّا؛ لينبه عَلى أنه كَانَ مطلعًا عَلى أسرارهم، عالِمًا بحقائق أخبارهم.
قوله:(صاحب إيلياء) أي: أميرها، وهو منصوب عَلى الاختصاص والحال، أو مرفوع عَلى الصفة، وهي رواية أبي ذر، والإضافة الَّتِي فيه تقوم مقام التعريف، وقول من زعم أنها في تقدير الانفصال في مقام المنع.
"وهرقل" معطوف عَلى "إيلياء"، وأطلق عليه الصحبة له: إما بمعنى التبع، وإما بمعنى الصداقة، ومنه استعمال صاحب في معنيين مجازي وحقيقي؛ لأنه بالنسبة [٤٢/أ] إلَى إيلياء أمير، وذلك مَجاز، وبالنسبة إلَى هرقل تابع، وذاك حقيقة.
وقوله (سقفًّا) بضم السين والقاف، كذا في رواية غير أبي ذر، وهو منصوب عَلى أنه خبر كَانَ، و"يحدث" خبر بعد خبر، وفي رواية الكُشْميهني:"سُقِف" بكسر القاف عَلى ما لم يسم فاعله، وفِي رواية المُسْتَمْلي والسرخسي مثله لكن بزيادة ألف في أوله.
والأُسْقُف والسُّقُف: قيل إنه لفظ أعجمي ومعناه: رئيس دين النصارى، وقيل: عربي وهو الطويل في انحناء، وقيل ذَلِكَ للرئيس؛ لأنه يتخاشع، وَقَالَ بعضهم: لا نظير له في وزنه إلا الأسْرُب، وهو الرصاص، لكن حكى ابن سِيده ثالثًا: وهو الأُسْكُف للصانع، ولا يرد الأُتْرُج لأنه جمع والكلام في المفرد.
قوله:(حين قدم إيلياء) يعني: في هذه الأيام، وهي عند غلبة جنوده عَلى جنود