للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكان ما اطلع عليه هرقل من ذَلِكَ بمقتضى حساب [٤٢/ ب] المنجمين: أنهم زعموا أن المولد النبوي كَانَ بقران العلويين ببرج العقرب، وهُمَا يقترنان في كل عشرين سنة مرة إلَى أن تستوفي الثالثة بروجها في ستين سنة، فكان ابتداء العشرين الأولى المولد النبوي في القران المذكور، وعند تَمام العشرين الثانية مجيء جبريل بالوحي، وعند تَمام الثالثة فتح خيبر وعمرة القضية الَّتِي جرَّت فتح مكة وظهور الإسلام، وفِي تلك الأيام رأى هرقل ما رأى.

وَمِن جملة ما ذكروه أيضًا أن برج العقرب مائي، وهو دليل مُلْكِ القوم الذين يختتنون، فكان ذَلِكَ دليلًا عَلى انتقال المُلْكِ إلَى العرب، وأما اليهودُ فليسوا مرادًا هنا؛ لأن هذا لمن سينتقل إليه الملك لا لمن انقضى ملكه.

فإن قيل: كيف ساغ للبخاري إيراد هذا الخبر المشعر بتقوية [أمر] (١) المنجمين، والاعتماد عَلى ما يدل عليه أحكامهم؟

فالجواب: أنه لم يقصد ذَلِكَ، بل قصد أن يبين أن البشارات بالنبي - صلى الله عليه وسلم - جاءت من كل طريق، وَعَلى لسان كل فريق من كاهن أو منجم أو مبطل إنسي أو جني، وهذا غاية ما [يشير إليه] (١) عالم، أو يحتج به محتج.

قوله: (مُلْك الختان) بضم الميم وإسكان اللام، وللكُشميهني بفتح الميم وكسر اللام.

قوله: (قد ظهر) أي: غلب، يعني: دله نظره عَلى أن ملك الختان قد غلب، وهو كما قَال؛ لأن تلك الأيام كَانَ ابتداء ظهور النبي - صلى الله عليه وسلم -، إذ صالح كفار مكة بالحديبية، وأنزل الله عليه: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا} [الفتح: ١]؛ إذ فتح مكة سببه نقض قريش العهد الَّذِي كَانَ بينهم بالحُديبية، ومقدمة الظهور ظهور.


(١) مكانها بياض بالأصل، والمثبت من "الفتح".

<<  <  ج: ص:  >  >>