للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (وَقَالَ إبراهيم -عليه السلام-: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}).

أشار إلَى تفسير سعيد بن جبير، ومُجاهد وغيرهما لهذه الآية، فروى ابن جرير بسنده الصحيح إلَى سعيد قَالَ: "قوله: {لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: ٢٦٠]؛ أي: يزداد يقيني" (١)، وعن مُجاهد قَالَ: "لأزداد إيْمَانًا إلَى إيماني" (٢)، وإذا ثبت ذَلِكَ عن إبراهيم مع أن نبينا قد أمر باتباع ملته كَانَ كأنه ثبت عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - ذَلِكَ، وإنما فَصَل المصنف بين هذه الآية وبين الآيات الَّتِي قبلها؛ لأن الدليل يؤخذ من تلك بالنصِّ، ومن هذه بالإشارة، والله أعلم.

قوله: (وَقَالَ معاذ) هو ابن جبل، وصرح بذلك الأصِيلي، والتعليق المذكور وصله أَحْمَد (٣)، وأبو بكر أيضًا بإسنادٍ صحيح (٤)، وفِي رواية لهما: كَانَ معاذ بن جبل يقول للرجل من إخوانه: "اجلس بنا نؤمن ساعة، فيجلسان فيذكران الله تعالَى ويحمدانه" (٥)، ووجه الدلالة منه ظاهر؛ لأنه لا يحمل عَلى أصل الإيمان لكونه كَانَ مؤمنًا، وأي مؤمن؟ ! وإنما يُحمل على إرادة أنه يزداد إيمانًا بذكر الله تعالَى.

وَقَالَ القاضي أبو بكر ابن العربي: لا تعلق فيه للزيادة؛ لأن معاذا إنما أراد تجديد الإيمان؛ لأن العبد يؤمن في أول مرة فرضًا، ثم يكون أبدًا مُجددًا كلما نظر أو فكر.

وما نفاه أولًا أثبته آخرًا؛ لأن تجديد الإيمان إيمان.

قوله (وَقَالَ ابن مسعود: اليقين الإيْمان كله) هذا التعليق طرف من أثر وصله الطبراني بسند صحيح، وبقيته: "والصبر نصف الإيمان" (٦). وأخرجه أبو نُعيم في "الحلية" والبيهقي في "الزهد" من حديثه مرفوعًا (٧)، ولا يثبت رفعه.

وجرى المصنف عَلى عادته في الاقتصار عَلى ما يدل بالإشارة، وحذف ما يدل


(١) أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (سورة البقرة، قوله تعالَى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}).
(٢) أخرجه ابن جرير الطبري في "تفسيره" (سورة البقرة، قوله تعالَى: {وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}).
(٣) أخرجه عبد الله بن أحْمَد في "السنة" (١/ ٣٦٨) عن أبيه.
(٤) "كتاب الإيمان" لابن أبي شيبة (ص ٤١) برقم (١٠٥).
(٥) "كتاب الإيمان" لابن أبي شيبة (ص ٤١) برقم (١٠٧).
(٦) "المعجم الكبير" (٩/ ١٠٤).
(٧) "حلية الأولياء" لأبي نعيم (٥/ ٣٤)، و"الزهد الكبير" للبيهقي (٢/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>