للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقَالَ الكرماني: الفضل: بمعنى كثرة الثواب في مقابلة القلة. والخير: بمعنى النفع في مقابلة الشر، فالأول من الكمية، والثاني من الكيفية فافترقا.

واعترض بأن الفرق لا يتم إلا إذا اختص كل منهما بتلك المقولة، أما إذا كَانَ كل منهما يُعقل تَأَتَّيه في الأخرى فلا، وكأنه بنى عَلى أن لفظ "خير" اسم، لا أفعل تفضيل.

وعَلى تقدير اتحاد السؤالين جوابٌ مشهورٌ، وهو الحمل عَلى اختلاف حال السائلين أو السامعين، فيمكن أن يراد في الجواب الأول: تحذير من خُشِي منه الإيذاء بيد أو لسان فأرشد إلَى [٣٥/ أ] الكف. وفِي الثاني: ترغيب من رُجِي فيه النفع العام بالفعل والقول فأرشد إلَى ذَلِكَ.

وخَصَّ هاتين الخصلتين بالذكر لمسيس الحاجة إليهما في ذلِكَ الوقت؛ لما كانوا فيه من الجهد، ولمصلحة التأليف، ويدل عَلى ذَلِكَ أنه -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام- حث عليهما أول ما دخل المدينة، كما رواه الترمِذيّ وغيره مصححًا من حديث عبد الله ابن سلام (١).

قوله: (تطعم) هو في تقدير المصدر، أي: "أن تطعم"، ومثله: "تسمع بالمُعَيْدِيِّ" (٢)، وذكر الطعام ليدخل فيه الضيافة وغيرها.

قوله: (وتقرأ) بلفظ مضارع القراءة، بمعنى: يقول، قَالَ أبو حاتم السَّجِسْتَاني: تقول: اقرأ عَلَيه السَّلام، ولا تقول: أقرئه السلام، فإذا كَانَ مكتوبًا، قُلْتَ: أقرئه السلام؛ أي: اجعله يقرؤه.

قوله: (ومن لَمْ تَعرف) أي: لا تَخُص به أحدًا تَكبرًا أو تصنعًا، بل تعظيمًا لشعار الإسلام ومراعاة لأخوة المسلم.

فإن قيل: اللفظ عام فيدخل الكافر والمنافق والفاسق؟


(١) "صحيح التّرمِذيّ" (كتاب: صفة القيامة) برقم (٢٤٨٥).
(٢) وتمام المثل: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه"، والمعيدي: تصغير (مَعَدِّيِّ) منسوب إلَى مَعَدّ، يضرب للرجل الَّذِي له صيت وذكر في الناس فإذا رأيته ازدريت مرآته.

<<  <  ج: ص:  >  >>