و (في) سببية، فكأن الرَّجل كَانَ كثير الحياء، فكان ذَلكَ يمنعه عن استيفاء حقوقه، فعاتبه أخوه عَلى ذلكَ؛ فقال له النَّبِي - صلى الله عليه وسلم -: "دعه" أي: اتركه عَلى هذا الخُلُق السِّنِي، ثم زاده في ذَلكَ ترغيبًا لحكمة أنَّه من الإيمان, وإذا كانَ الحياء يمنع صاحبه من استيفاء حق نفسه جَبَر له ذلكَ تحصيل أجر ذَلِكَ الحق، لاسيما إن كَانَ المتروك له مستحقًا.
وَقَالَ ابن قتيبة: معناه: أن الحياء يمنع صاحبه من ارتكاب المعاصي كما يمنع الإيمان, فسمي إيمانًا [٦٥/ ب]، كما يُسمى الشيء باسم ما قام مقامه، وحاصله: أن إطلاق كونه من الإيمان مجاز، والظاهر أن الناهي ما كَانَ يعرف أن الحياء من مكملات الإيمان, فلهذا وقع التأكيد، وقد يكون التأكيد من جهة أن القضية في نفسها مما يهتم به وإن لم يكن هناك منكر.