للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النَّبِيِّ}، إلَى قوله تعالَى: {أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (٢)} [الحجرات: ٢]. ومن هنا [٩٣ / أ] تتضح مناسبة هذا الحديث للترجمة ومطابقتها له، وقد خفيت عَلى كثير من المتكلمين عَلى هذا الباب.

فإن قيل: قوله: {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} [الحجرات: ٢]. يقتضي المؤاخدة بالعمل الَّذِي لا قصد فيه.

فالجواب: أن المراد: {وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ} بالإحباط لاعتقادكم صغر الذنب، فقد يعلم المرء الذنب ولكن لا يعلم أنه كبير، كما قيل في قوله: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير" أي: عندهما، ثم قَالَ: "وإنه لكبير" (١)، أي: في نفس الأمر.

وأجاب القاضي أبو بكر ابن العربي: بأن المؤاخذة تحصل بما لَم يقصد في الثاني إذا قصد في الأول؛ لأن مراعاة القصد إنما هو في الأول ثم يسترسل حكم النية الأولى علَى مؤتنف العمل وإن عزب القصد خيرًا كَانَ أو شرًّا، والله أعلم.

قوله: (وعسى أن يكون خيرًا) أي: وإن كَانَ عدم الرفع أزيد خيرًا وأولى منه؛ لأنه متحقق فيه لكن في الرفع خير مرجو لاستلزامه مزيد الثواب؛ لكونه سببا لزيادة الاجتهاد في التماسها، وإنما حصل ذَلِكَ ببركة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.

قوله: (في السبع والتسع) كذا في معظم الروايات بتقديم السبع التِي أولها السين عَلى التسع، ففيه إشارة إلَى أن رجاءها في السبع أقوى للاهتمام بتقديمه، ووقع عند أبي نُعيم في "المستخرج" (٢) بتقديم التسع عَلى ترتيب التدلي، واختلف في المراد بالتسع وغيرها، فقيل: لتسع يمضين من العشر، وقيل: لتسع يبقين من الشهر، وسنذكر بسط هذا في محله حيث ذكره المصنف في كتاب الاعتكاف إن شاء الله تعالَى.


(١) أخرجه البُخَاريّ في "صحيحه" (كتاب الوضوء، باب: ما جاء في غسل البول) برقم (٢١٨)، وكذا في (١٣٦١، ١٣٧٨، ٦٠٥٢)، وأخرجه مُسْلِم في "صحيحه" (كتاب الطهارة، باب: الدليل عَلى نَجاسة البول ووجوب الاستبراء) برقم (٢٩٢).
(٢) "مستخرج أبي نُعيم" (كتاب الصيام، باب: ما جاء في ليلة القدر) (٣/ ٢٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>