فإن قيل: هذه مسألة مُختلف فيها فلا يصلح الحمل عليها؛ لأنه لا جهل ولا استهانة عند القائل بالجواز.
قلنا: يصح أن يحمل عَلى صورة اتفاقية كبيعها في حال حملها فإنه حرام بالإجماع.
الثالث: وهو من نمط الَّذِي قبله، قَالَ النووي: لا يختص شراء الولد أمه بأمهات الأولاد، بل يتصور في غيرهن: بأن تلد الأمة حرًّا من غير سيدها بوطء شبهة، أو رقيقًا بنكاح أو زنا ثم تباع الأمة في الصورتين بيعًا صحيحًا، وتدور في الأيدي حَتى يشتريها ابنها أو ابنتها.
ولا يعكر عَلى هذا تفسير مُحَمَّد بن بشر بأن المراد السَّراري؛ لأنه [١٠٠ / ب] تخصيص بغير دليل.
الرابع: أن يكثر العقوق في الأولاد، فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة بالسب والضرب والاستخدام، فأطلق عليه ربها مَجازًا لذلك، أو المراد بالرب: المربي، فيكون حقيقة، وهذا أوجه الأوجه عندي لعمومه، ومحصله الإشارة إلَى أن الساعة يقرب قيامها عند انعكاس الأمور بحيث يصير الْمُرَبي مُرَبيًّا والسافل عاليًا، وهو مناسب لقوله في العلامة الأخرى:"أن تصير الحُفَاة العُرَاة ملوك الأرض".
* تنبيهان:
أحدهما: قَالَ النووي: ليس فيه دليل عَلى تَحريم بيع أمهات الأولاد ولا عَلى جوازه، وقد غلط من استدل به لكل من الأمرين؛ لأن الشيء إذا جُعِل علامة عَلى شيء آخر لا يدل عَلى حظر ولا إباحة.
الثاني: يجمع بين ما في هذا الحديث من إطلاق الرب عَلى السيد المالك في قوله: "ربها"، وبين ما في الحديث الآخر وهو في الصحيح:"لا يقل أحدكم: أَطْعِم رَبَّكَ، ولا يقل أحدكم: ربي، ولكن ليقل: سيدي ومولاي"(١)، بأن اللفظ هنا خرج عَلى