للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قوله: (رءوس الناس) أي: ملوك الأرض، وصرح به الإسماعيلي، وفِي رواية [أبي] (١) فروة مثله، والمراد بهم: أهل البادية، كما صرح به في رواية سليمان التيمي وغيره، وَقَالَ: ما الحفاة العُرَاة؟ قَالَ: "العُرَيْب" -وهو بالعين المهملة عَلى التصغير.

قَالَ القرطبي: المقصود الإخبار عن تبدل الحال بأن يستولي أهل البادية عَلى الأمر، يتملكوا البلاد بالقهر فتكثر أموالهم وينصرف همهم إلَى تشييد البنيان والتفاخر وبه، وقد شاهدنا ذَلِكَ في هذه الأزمان ومنه [الحديث الآخر: "لا تقوم الساعة حَتَّى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع ابن لكع" (٢)، ومنه: "إذا وُسِّد الأمرُ" أي: أسند] (٣) إلَى غير أهله، فانتظروا الساعة" (٤)، وكلاهما في الصحيح.

قوله: (في خَمس) أي: علم وقت الساعة داخل في جملة خمس، وحَذْف متعلق الجار سائغ، كما في قوله تعالَى: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ} [النمل: ١٢]، أي: اذهب إلَى فرعون بهذه الآية في جملة تسع آيات، وفِي رواية عطاء الخراساني قَالَ: "فمتى الساعة؟ قَالَ: هِيَ في خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله".

قَالَ القرطبي: لا مطمع لأحد في علم شيء من هذه الأمور الخمس لهذا الحديث، وقد فسر النبي - صلى الله عليه وسلم - قول الله تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ} [الأنعام: ٥٩]، بهذه الخمس، وهو في الصحيح.

قالَ: فمن ادعى علم شيء منها غير مسندة إلَى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ كاذبًا في دعواه.

قَالَ: وأما ظن الغيب فقد يجوز من المُنَجم وغيره إذا كَانَ عن أمر عادي، وليس ذلك بعلم، وقد نقل ابن عبد البر الإجماع عَلى تَحريم أخذ الأجرة والجُعْل وإعطائها في ذَلِكَ.


(١) زيادة من "الفتح".
(٢) أخرجه الترمذي في "جامعه" (كتاب الفتن، باب: ما جاء في أشراط الساعة) برقم (٢٢٠٩)، والإمام أَحْمَد في "المسند" (٥/ ٣٨٩).
(٣) زيادة من "الفتح".
(٤) أخرجه البخاري في "صحيحه" (كتاب العلم، باب: من سئل علمًا وهو مشتغل في حديثه. . .) برقم (٥٩) وفيه: "فانتظر".

<<  <  ج: ص:  >  >>