٥٦ - حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَامِرُ ابْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْن أَبِي وَقَّاصٍ، أَنّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "إِنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللهِ إِلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حَتَّى مَا تَجْعَلُ في فَمِ امْرَأَتِكَ".
قَوْلُهُ: (إنَّك) الخطاب لسعد، والمراد: هو ومَن يصح منه الإنفاق.
قَوْلُهُ: (وجه الله) أي: ما عند الله من الثواب.
قَوْلُهُ: (إلا أُجرت) تَحتاج إلَى تقدير؛ لأن الفعل لا يقع استثناء.
قَوْلُهُ: (حَتَّى) هِيَ عاطفة وما بعدها منصوب المحل.
و"ما" موصولة، والعائد مَحذوف.
قَوْلُهُ: (في فم امرأتك) وللكُشْمَيْهَنِي: "في في امرأتك"، وهي رواية الأكثر.
قالَ [١١١/ ب] عياض: هِيَ أصوب؛ لأن الأصل حذف الميم، بدليل جمعه عَلى أفواه، وتصغيره عَلى فويه، قَالَ: وإنَّما يحسن إثبات الميم عند الإفراد، وأما عند الإضافة فلا، إلا في لغة قليلة. انتهى.
وهذا طرف من حديث سعد بن أبي وقاص في مرضه بمكة وعيادة النبي - صلى الله عليه وسلم - له.
وقَوْلُهُ: "أوصي بشطر مالي" الحديث (١)، وسيأتي الكلام عليه في كتاب الوصايا إن شاء الله تعالَى، والمراد منه هنا.
قَوْلُهُ: (تبتغي) أي: تطلب بِها وجه الله، واستنبط منه النووي: أن الحظ إِذَا وافق الحق لا يقدح في ثوابه؛ لأن وضع اللقمة في فم الزوجة يقع غالبًا في حالة المداعبة، ولشهوة النفس في ذلكَ مدخل ظاهر، ومع ذَلِكَ إذا وجَّه القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله.
قَالَ: وَإذَا كَانَ هذا بهذا المحل مع ما فيه من حظ النفس فما الظن بغيره مِما لا حظ للنفس فيه.
(١) وهو بتمامه في "صحيح البُخَاريّ" (كتاب الجنائز، باب: رثاء النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - سعد بن خولة) برقم (١٢٩٥)، وهو أيضًا في (٢٧٤٢، ٢٧٤٤، ٣٩٣٦، ٤٤٠٩، ٥٣٥٤، ٥٦٥٩، ٥٦٦٨، ٦٣٧٣، ٦٧٣٣).