للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفِي رواية نافع عند المؤلف في التفسير (١): "أَخبروني"، وفِي روايته عند الإسماعيلي: "أنبئوني"، وفِي رواية مالك عند المصنف في باب الحياء في العلم: "حدثوني ما هِيَ؟ "، وَقَالَ فيها: "فقالوا: أخْبرنَا بها" (٢).

فدل ذَلِكَ عَلى أن التحديث والإخبار والإنباء عندهم سواء، وهذا لا خلاف فيه عند أهل العلم بالنسبة إلَى اللغة، ومن أصرح الأدلة فيه قَوْله تعَالَى: {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)} [الزلزلة: ٤]. وقوله تعالَى: {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (١٤)} [فاطر: ١٤].

* وأما بالنسبة إلَى الاصطلاح ففيه الخلاف:

فمنهم: من استمر عَلى أصل اللغة، وهذا رأي الزهري، ومالك، وابن عُيَيْنَة، ويَحْيَى القَطَان، وأكثر الحجازيين والكوفيين، وعليه استمر عمل المغاربة، ورجحه ابن الحاجب في مُختصره، ونُقل عن الحاكم أنه مذهب الأئمة الأربعة.

ومنهم: من رأى إطلاق ذَلِكَ حيث يقرأ الشيخ من لفظه، وتقييده حيث يُقرأ عليه، وهو مذهب إسحاق بن رَاهَوَيْه، والنسائي، وابن حِبَّان، وابن مَنْدَه، وغيرهم.

ومنهم: من رأى التفرقة بين الصيغ بحسب افتراق التحمل، فيخصون التحديث بما يلفظ به الشيخ، والإخبار بما يُقرأ عليه، وهذا مذهب ابن جُرَيْج، والأوزاعي، والشافعي، وابن وهب، وجمهور أهل المشرق.

ثُمَّ أحدث أتباعهم تفصيلًا آخر، فمن سمع وحده من لفظ الشيخ أفرد فَقَالَ: حَدَّثَنِي، ومن سمع مع غيره جمع، ومن قرأ بنفسه عَلى الشيخ أفرد فَقَالَ: أخْبَرَنِي، ومن سمع بقراءة غيره جمع، وكذا خصصوا الإنباء بالإجازة الَّتِي يشافه بِها الشيخ من يُجيزه.

وكل هذا مُستحسن وليس بواجب عندهم، وإنما أرادوا التمييز بين أحوال التحمل، وظن بعضهم أن ذلِكَ عَلى سبيل الوجوب فتكلفوا في الاحتجاج له وعليه بما لا طائل تَحته.


(١) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب التفسير، سورة إبراهيم، باب: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ}) برقم (٤٦٩٨).
(٢) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب العلم، باب: الحياء في العلم) برقم (١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>