للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تطلع إلَى أن تيبس تؤكل أنواعًا، ثُمَّ بعد ذَلِكَ ينتفع بجميع أجزائها، حَتَّى النوى في علف الدواب، والليف في الحبال، وغير ذلِكَ مما لا يخفى، وكذلك بركة المسلم عامة في جميع الأحوال، ونفعه مستمر له ولغيره.

ووقع عند المصنف في التفسير من طريق نافع، عن ابن عمر قَالَ: "كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: "أخبروني بشجرة كالرجل المسلم لا يتحات ورقها ولا ولا ولا؟ " (١).

كذا ذكر النفي ثلاث مرات عَلى طريق الاكتفاء، فقيل في تفسيره: ولا ينقطع ثَمرها، ولا يعدم فيؤها، ولا يبطل نفعها.

ووقع في رواية مُسْلِم (٢) ذكر النفي مرة واحدة، فظن إبراهيم بن سفيان الراوي عنه أنه [١١٧/ ب] متعلق بما بعده وهو قَوْلُهُ: "تؤتي أكلها فاستشكله وَقَالَ: لعل "لا" زائدة، ولعله: "وتؤتي أكلها". وليس كما ظن بل معمول النفي محذوف عَلى سبيل الاكتفاء كما بيناه، وقوله: "تؤتي" ابتداء كلام عَلى سبيل التفسير.

ووقع عند الإسماعيلي بتقديم: "تؤتي أكلها كل حين" عَلى قَوْله: "لا يتحات ورقها" فسلم من الإشكال.

قَوْلُهُ: (فوقع الناس) أي: ذهبت أفكارهم في أشجار البادية، فجعل كل منهم يفسرها بنوعٍ من الأنواع، وذَهلوا عن النخلة.

قَوْلُهُ: (قَالَ عبد الله) هو ابن عمر الراوي.

قَوْلُهُ: (ووقع في نفسي) بيَّن أبو عوانة في صحيحه من طريق مُجاهد، عن ابن عمر وجه ذَلِكَ، فَقَالَ: "فظننت أنها النخلة من أجل الجُمَّار الَّذِي أتي به".

وفيه إشارة إلَى أن الْمُلْغَزَ له ينبغي أن يتفطن لقرائن الأحوال الواقعة عند السؤال، وأن المُلْغِز ينبغي له ألَّا يبالغ في التعمية بحيث لا يجعل للآخر بابًا يدخل منه، بل كلما قربه كَانَ أوقع في نفس سامعه.


(١) "صحيح البُخَاريّ" (كتاب التفسير، سورة إبراهيم، باب: {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ (٢٤) تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ. . .}) برقم (٤٦٩٨).
(٢) "صحيح مُسْلِم" (كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب: مثل المؤمن مثل النخلة) برقم (٢٨١١).

<<  <  ج: ص:  >  >>