وفِي حديث أنس الآتي بعدُ: أن عُمر برك عَلى ركبتيه فَقَالَ: "رضينا بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمدٍ نبيًّا"، والجمعُ بينهما ظاهر بأنه قَالَ جميع ذَلِكَ، فنقل كل من الصحابيين ما حفظ، ودل عَلى اتحاد المجلس اشتراكهما في نقل قصة عبد الله بن حُذَافة.
* تنبيه:
قَصَر المصنف الغضب عَلى الموعظة والتعليم دون الحكم؛ لأن الحاكم مأمور ألَّا يقضي وهو غضبان، والفرق: أن الواعظ من شأنه أن يكون في صورة الغضبان؛ لأن مقامه يقتضي تكلف الانزعاج؛ لأنه في صورة المنذر، وكذا المعلِّم إِذَا أنكر عَلى من يتعلم منه سوء فهم ونَحوه؛ لأنه قد يكون أدعى للقبول منه.
وليس ذَلِكَ لازمًا في حق كل أحد بل يختلف باختلاف أحوال المتعلمين، وأما الحاكم فهو بخلاف ذَلِكَ كما يأتي في بابه.
فإن قيل: فقد قضى -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام- في حال غضبه حيث قَالَ:"أبوك فلان".
فالجواب: أن يقال: أولًا: ليس هذا من باب الحكم، وَعَلى تقديره فيقال: هذا من خصوصياته لمحل العصمة، فاستوى غضبه ورضاه ومجرد غضبه من الشيء دالٌ عَلى تَحريمه أو كراهته بخلاف غيره - صلى الله عليه وسلم -.