للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال ابن المُنَيِّر: فيه دليل علي أنَّه كان عنده أشياء مكتوبة من الفقه المستنبط من كتاب الله، وهي المراد بقوله: "أو فهم أعطيه رجل"؛ لأنه ذكره بالرفع، فلو كان الاستثناء من غير الجنس لكان منصوبًا.

كذا قال؛ والظاهر أن الاستثناء فيه منقطع، والمراد بذكر الفهم إثبات الزيادة على ما في الكتاب.

وقد رواه المصنف في الديات بلفظ: "ما عندنا إلَّا ما في القرآن، إلَّا فهمًا يعطى رجل في الكتاب" فالاستثناء الأول مفرغ والثاني منقطع، معناه: لكن إن أعطى الله رجلًا فهمًا في كتابه فهو يقدر على الاستنباط فتحصل عنده الزيادة بذلك الاعتبار.

وقد روى أحمد بإسناد حسن من طريق طارق بن شهاب، قال: شهدتُ عليًّا على المنبر وهو يقول: "والله ما عندنا كتاب نقرؤه إلَّا كتاب الله وهذه الصحيفة" (١). وهو يؤيد ما قلناه أنَّه لم يُرِد بالفهم شيئًا مكتوبًا.

قَوْلُهُ: (الصحيفة) أي: الورقة المكتوبة، وللنسائي من طريق الأَشْتر: "فأخرج كتابًا من قِرَاب سيفه".

قَوْلُهُ: (العقل) أي: الدية، وإنَّما سُميت به لأنهم كانوا يعطون فيها الإبل ويربطونها بفناء دار المقتول بالعِقَال: وهو الحبل، ووقع في رواية ابن ماجة بدل "العقل" "الديات" (٢)، والمراد أحكامها ومقاديرها وأصنافها.

قَوْلُهُ: (وفِكَاك) هو بكسر الفاء وفتحها، وقال القَزَّاز (٣): -بالفتح أفصح-، والمعنى: أن فيها حكم تخليص الأسير من يد العدو والترغيب في ذلك.

قَوْلُهُ: (ولا يُقتلُ) بضم اللام، وللكُشْمَيهني: "وألَّا يقتل"، بفتح اللام، وعطفت الجملة علي المفرد؛ لأن التقدير: فيها -أي: الصحيفة- حكم العَقْل وحكم تَحريم قتل


(١) مسند أحمد (١/ ١٠٠).
(٢) "سنن ابن ماجه" (كتاب الديات، باب: لا يقتل مسلم بكافر) برقم (٢٦٥٨).
(٣) في "الفتح": "الفراء".

<<  <  ج: ص:  >  >>