للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثها: ما اختص به أبو هريرة من دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم - بألَّا ينسى ما يحدثه به كما سنذكره قريبًا.

رابعها: أن عبد الله كان قد ظفر في الشام بحِمْل جَمَل من كتب أهل الكتاب، فكان ينظر فيها ويحدث منها، فتجنب الأخذ عنه كثير من أئمة التابعين، والله أعلم.

قَوْلُهُ: (تابعه مَعْمَر) أي: ابن راشد، يعني: تابع وهب بن مُنَبِّه في روايته لهذا الحديث عن هَمَّام، والمتابعة المذكورة أخرجها عبد الرزاق عن مَعْمَر (١)، وأخرجها أبو بكر بن علي المروزي في كتاب العلم له عن حجاج بن الشَّاعر عنه.

وروى أحمد والبيهقي في "المدخل" من طريق عَمرو بن شُعيب، عن مُجاهد، والمغيرة بن حَكيم قالا: سَمعنا أبا هريرة يقول: "ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مني إلا ما كان من عبد الله بن عَمرو فإنه كان يكتب بيده ويعي بقلبه، وكنت أعي ولا أكتب، استأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الكتاب عنه فأذن له" (٢). إسناده حسن، ولا يلزم منه أن يكونا في الوعي سواء؛ لِمَا قدمناه من اختصاص أبي هريرة بالدعاء بعدم النسيان.

ويُستفاد منه ومن حديث علي المتقدم ومن قصة أبي شَاهٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أذن في كتابة الحديث عنه، وهو يُعارض حديث أبي سعيد الخُدري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن". رواه مسلم (٣).

والجمع بينهما أن النهي خاص بوقت نزول القرآن خشية التباسه بغيره، والإذن في [١٥٧/ ب] غير ذلك، أو أن النهي خاص بكتابة غير القرآن مع القرآن في شيء واحد والإذن في تفريقهما، أو النهي متقدم والإذن ناسخ له عند الأمن من الالتباس وهو أقربها مع أنه لا ينافيها.


(١) "مصنف عبد الرزاق" (١١/ ٢٥٩).
(٢) أخرجه: أحمد في "المسند" (٢/ ٤٠٣)، والبيهقي في "المدخل إلَى السنن الكبرى" (٢/ ٢٢٨ - ٢٢٩).
(٣) "صحيح مسلم" (كتاب الزهد، باب: التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم) برقم (٣٠٠٤)، ولفظه: "لا تكتبوا عني، ومن كتب عني غير القرآن فليمحه". أما اللفظ الذي ذكره الحافظ فهو لفظ أحمد، أخرجه في "المسند" (٣/ ٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>