قَوْلُهُ:(أَرَأَيْتكم) هو بفتح المثناة؛ لأنها ضمير المُخاطب، والكاف ضَميرٌ ثان لا محل لها من الإعراب، والهمزة الأولَى للاستفهام، والرُّؤية بمعنى العِلْم أو البَصَر، والمعنى أَعَلِمْتُم أو أَبْصَرْتُم لَيْلَتكم، وهي منصوبة على المفعولية، والجواب محذوف تقديره:"فَاضبِطُوها".
وتَرِدُ أَرأَيْتكم للاستخبار كما في قوله تعالى:{قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ} الآية [الأنعام: ٤٠]. قال الزَّمَخشري: المعنى أخبروني، ومتعلق الاستخبار محذوف تقديره:"مَن تدعون"، ثم [١٦٠/ أ] بَكُتَهُم فقال: {أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ}[الأنعام: ٤٠]. انتهى
وإنّما أَوْرَدتُ هذا؛ لأن بعضَ الناس نَقَل كلام الزَّمخشري من الآية إلَى هذا الحديث وفيه نظرٌ؛ لأن التَّقدير يصير:"أَخْبِروني لَيْلَتكم هذه فَاحْفَظُوها" وليس ذلك مُطابقا لسياق الآية.
قَوْلُهُ:(منها) فيه دليل على أن "مِنْ" تكون لابتداء الغاية في الزَّمان.
قَوْلُهُ:(لا يبقى مِمن هو على ظهر الأرض) أي: الآن موجودًا أحد إذ ذَاك، وقد ثبت هذا التقدير عند المُصَنِّف من رواية شُعَيْب، عن الزُّهري كما سيأتي في الصلاة (١).
(١) "صحيح البخاري" (كتاب مواقيت الصلاة، باب: ذكر العشاء والعتمة ومن رآه واسعًا) برقم (٥٦٤).