وكأنه ظن أن الركعتين من جملة صلاة الليل وهو محتمل، لكن حملها على سنة الفجر أَوْلَى ليحصل الختم بالوتر، وسيأتي تفصيل هذه المسألة في كتاب الصلاة إن شاء الله تعالَى.
ومناسبة [١٦٠/ ب] حديث ابن عمر للترجمة ظاهرة لقوله فيه: "قام فقال" بعد قوْله: "صلى العشاء".
وأما حديث ابن عباس فقال ابن المُنَيِّر ومن تبعه: يحتمل أن يُريد أن أصل السمر يثبت بهذه الكلمة وهي قوله: "نَام الغُليم"، ويحتمل أن يريد ارتقاب ابن عباس لأحوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا فرق بين التعلم من القول والتعلم من الفعل، فقد سمر ابن عباس ليلته في طلب العلم، زاد الكَرْمَاني: أو ما يفهم من جعله إيّاه على يمينه، كأنه قال له: قف على يميني، فقال: وقفت.
وكل ما ذكروه معترض؛ لأن كل من يتكلم بكلمة واحدة لا يسمى سامرًا، وصنيع ابن عباس يُسمى سَهَرًا لا سَمَرًا، إذ السَّمر لا يكون إلا عن تحدث، قاله الإسماعيلي، وأبعدها الأخير؛ لأن ما يقع بعد الانتباه من النوم لا يُسمى سَمَرًا.
وقال الكِرْمَاني تبعًا لغيره أيضًا: يحتمل أن يكون مراد البخاري أن الأقارب إذا اجتمعوا لابد أن يجري بينهم حديث للمؤانسة، وحديثه - صلى الله عليه وسلم - كله علم وفوائد.
قلت: والأولى من هذا كله أن مناسبة الترجمة مستفادة من لفظ آخر في هذا الحديث بعينه من طريق أخرى، وهذا يصنعه المصنف كثيرًا، يريد به تنبيه الناظر في كتابه على الاعتناء بتتبع طرق الحديث، والنظر في مواقع ألفاظ الرواة؛ لأن تفسير الحديث بالحديث أولى من الخوض فيه بالظن.
وإنما أراد البخاري هنا ما وقع في بعض طرق هذا الحديث مما يدل صريحًا على حقيقة السَّمَر بعد العِشَاء، وهو ما أخرجه في التفسير وغيره من طريق كُريب عن ابن عباس قال:"بت في بيت ميمونة فتحدث رسول الله مع أهله ساعة ثم رقد. . . ."(١).