للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قَالَ وراقه: وكان كثير الإحسان إلَى الطلبة، مفرط الكرم، قليل الأكل جدًّا.

قَالَ: وسمعته يقول: كنت أسْتَغِلُّ في كل شهر خَمسمائة فأنفقها في الطلب، وما عند الله خير وأبقى.

وحكى أبو الحسن يوسف بن أبي أحْمَد البُخَاريّ أن مُحَمَّد بن إسماعيل مرض، فعرضوا ماءه عَلى الأطباء، فقالوا: إن هذا الماء يشبه ماء بعض أساقفة النصارى، فإنهم لا يأتدمون، فصدقهم وقَالَ: لم أأتدم منذ أربعين سنة، فسئل عَلى أن يستعمل الأدم بعد ذَلكَ فامتنع، فألح عليه المشايخ، فأجابهم أن يأكل مع الخبز سُّكَّرَة (١).

وَقَالَ [٩/ ب] الحاكم: أَخْبَرَني مُحَمَّد بن خالد، ثَنا مُسَبِّح بن سعيد، قَالَ: كَانَ البُخَاريّ إذا حضر رمضان يجتمع إليه أصحابه فيصلي بهم ويقرأ في كل ركعة عشرين آية إلَى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلَى الثلث، وكان يختم كل يوم ختمة عند الإفطار.

وقَالَ وراقه: كَانَ يُصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر منها بواحدة، ويقوم في الليل مرارًا يأخذ القَدَّاحة فيوري نارًا بيده ويسرج، ويخرج أحاديث فيعلم عليها ثم يضع رأسه، ربما فعل ذلِكَ في الليلة الواحدة عشرين مرة، فقلتُ له: ألا (٢) توقظني؟ فقال: أنت شاب فلا أحب أن أفسد عليك نومك.

وَقَالَ مُحَمَّد بن منصور: كنا في مجلس البُخَاري، فرفع إنسان من لحيته قذاة فطرحها، قَالَ: فرأيته ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفلوا أخذها فأدخلها في كمه، فلما خرج من المسجد أخرجها فطرحها عَلى الأرض.

وَقَالَ الحسن بن مُحَمَّد السمرقندي: كانت فيه ثلاث خصال: كَانَ قليل الكلام، وكان لا يطمع فيما عند الناس، وكان لا يشتغل بأمور الناس.


(١) السُّكَّرة: الواحدة من السُّكر، وهو رطب طيب، وعنب يصيبه المرق فينتثر فلا يبقى في العنقود إلا أقله، وعناقيده أوساط، وهو أبيض رطب صادق الحلاوة عذب من طرائف العنب، ويزبب أيضًا. وراجع: "لسان العرب"، و"القاموس المحيط".
(٢) في الحاشية نسخة أخرى: "لِمَ لَا".

<<  <  ج: ص:  >  >>