قُلْتُ: وكلام مشايخه في الثناء عليه وتعظيمه ووصفه بالإتقان (١) والحفظ والمعرفة بالفقه أوسع من أن نُحيط به، وفي هذا القدر كفاية.
وأما كلام أقرانه: فيتعين إيراد ما حضرنا منه، لأن العادة في الغالب أن يقع التنافس بين الأقران، فقل من يحصل الثناء عليه مُطلقًا من أقرانه، فمن ذَلكَ قَالَ أبو حاتم الرازي: لم تُخرج خراسان أحفظ من مُحَمَّد بن إسماعيل، ولا قَدِمَ العراق أعلم منه.
وَقَالَ مُحَمَّد بن الحريث: سألتُ أبا زرعة الرازي عن ابن لهيعة فقال: تركه أبو عبد الله البُخَاريّ.
وَقَالَ عبيد العجل: ما رأيتُ مثل مُحَمَّد بن إسماعيل، ورأيت أبا زرعة وأبا حاتم يستمعان إليه، وكان أمة من الأمم، دَيِّنًا، فاضلًا، يُحسن كل شيء، وكان أعلم من مُحَمَّد ابن يحيى الذهلي بكذا وكذا.
وَقَالَ عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي: قد رأيت العلماء بالحرمين، والحجاز، والشام، والعراق، فما رأيت فيهم أجمع من مُحَمَّد بن إسماعيل، وهو أعلمنا وأفقهنا وأكثرنا طلبًا.
وَقَالَ أيضًا: مُحَمَّد أبصر مني، هو أكيس الناس.
وَقَالَ صالح جَزَرَة: ما رأيتُ خراسانيًّا أفهم منه.
وَقَالَ فَضْلَك الرَّازي: رافقته مرحلة، فاجتهدت أن أغرب عليه حديثًا واحدًا فلم أقدر، وأنا أغرب عَلى أبي زرعة عدد شعر رأسه.
وأما تعظيم مُسْلِم، والترمذي، وابن خزيمة، والنسائي وغيرهم من تلامذته فمن بعدهم له فأكثر من أن يُحصر، وأشهر من أن يُذكر، ولا عجب فيه؛ لأن مشايخه إذا أطنبوا فيه ذَلِكَ الإطناب وهو شاب فكيف يكون الحال فيه إذا كبر وشاب.