يأبى القسما. يعني أن المدعي إذا عجز عن البينة أو نفاها من أول الأمر وكانت دعواه محققة فيما يثبت بالشاهد واليمين وتوجهت اليمين على المدعى عليه فامتنع من الحلف فإن امتناعه منه يكون كالشاهد الحسي للمدعي فيحلف ومعه ويقضى له بما ادعاه أما أن كانت الدعوى غير محققة بأن كانت دعوى اتهام فإن اليمين لا تنقلب ويثبت الحق بمجرد النكول على المشهور كما مر وسيأتي أيضا في باب اليمين. وقوله (وفي سوى ذلك خلف علما). يعني أن غير ما ذكر من أمثلة الشاهد العرفي المتقدمة كمعرفة من ضاعت له دراهم مثلا الظرف والخيط في اللقطة وعلامات الاشتراك والانفراد في الجدران وحدود الأرضين ومن ادعى ما يشبه من المتبايعين والمتكاريين والزوجين ونحو ذلك هل الراجح فيها اليمين على من يشهد له العرف أو عدم اليمين خلاف (فائدة) قال ابن العربي عند قول الله تعالى {وشهد شاهد من أهلها أن كان قميصه قد من قبل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقين فلما رأى قميصه قد من دبر قال أنه من كيدكن أن كيدكن عظيم} قال علماؤنا في هذا دليل على العمل بالعرف والعادة بما ذكر من أخذ القميص مقبلًا ومدبرًا وما دل عليه الإقبال من دعواها والإدبار من صدق يوسف وهذا أمر تفرد به المالكية (فإن) قيل هذا شرع من قبلنا (قلنا) عنه جوابان أحدهما أن شرع من قبلنا شرع لنا الثاني أن المصالح والعادات لا تختلف فيها الشرائع أما أن يجوز أن يختلف وجود المصالح فيكون في وقت دون وقت فإذا وجدت فلا بد من اعتبارها وقد استدل يعقوب بالعلامة فروى العلماء أن الإخوة لما ادعوا أكل الذئب قال أروني القميص فلما رءاه سليمًا قال لقد كان هذا الذئب حليمًا وهكذا فاطردت العادة والعلامة وليس هذا بمناقض لقوله البينة على المدعي واليمين على من أنكر والبينة إنما هي البيان ودرجات البيان تختلف بعلامة تارة وبأمارة أخرى وبشاهد أيضا وبشاهدين ثم بأربع انتهى. وقوله (ولا يمين مع نكول المدعي. بعد ويقضي بسقوط ما ادعى). يعني أن المدعي إذا نكل عن اليمين التي ردت عليه فلا تتوجه اليمين بعد