لم يسمي بحذف الهمزة للوزن (ولما) كان حكم الصدقة والهبة سواء إلا في أمرين أحدهما أن الصدقة لا تعتصر على الأصل والهبة تعتصر والأخر أن الصدقة لا يجوز استرجاعها بنحو الشراء بخلاف الهبة فلهذا جمعهما الناظم في فصل واحد فقال
[{فصل في الصدقة والهبة وما يتعلق بهما}]
أي من الفروع كالحوز ونحوه. وعرف الإمام ابن عرفة الهبة لغير ثواب والصدقة بقوله تمليك ذو منفعة لوجه المعطى بغير عوض والصدقة كذلك لوجه الله تعالى اهـ فاخرج بالتمليك العارية ونحوها ولوجه المعطى أخرج به الصدقة لأنها لوجه الله تعالى. وقوله بغير عوض اخرج به هبة الثواب ثم عرف هبة الثواب بقوله عطية قصد بها عوض مالي اهـ وهبة الثواب في الحقيقة بيع من البيوع (والأصل) فيهما الندب بلا خلاف قاله ابن راشد (قال) الله تعالى أن تبدوا الصدقات فنعمًا هي وأن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم. وقال تعالى فأوف لنا الكيل وتصدق علينا أن الله يجزي المتصدقين. وقال عز وجل ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرا. وقال جل جلاله أن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى. وقال عليه الصلاة والسلام لو دعيت إلى كراع لأجبت ولو أهدي لي كراع لقبلت (والحكمة) في مشروعية العطية الشاملة لهما هو أن كان القصد منها وجه الله العظيم فالله تعالى يجازيه عليها فتكون الحكمة التقرب إليه وما كان لصلة الرحم فكذلك أيضًا مع ما فيه من بقاء المودة (قال) عليه الصلاة والسلام تهادوا تحابوا. وقال عليه الصلاة والسلام جبلت النفوس على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها الحديث (فالهدية) تخرج الإنسان من وصف البخل الذميم وتزكي نفس الكريم. وتدل على المروءة وتكسب الثناء الجميل والثواب الجزيل وقد رأينا في التواريخ ما يدل على مجد من كان متصفًا بالجود والكرم وعلى حطة من كان متصفًا بالبخل والوصم ومن لوازم الجود الشجاعة والصدق والعدل وصون العرض إلى غير ذلك من مكارم الأخلاق ومن لوازم البخل