القسامة استوجبوا القوة منه متى وجدوه وذلك بعد أن توافق صفاته الصفات التي في عقد التدمية أو يقر أنه هو الذي دمي عليه بعد الأعذار إليه اهـ ويجوز في قول الناظم القصاص النصب على المفعولية والرفع على الفاعلية باعتبار ينفذ فإن قدرته من الرباعي فالنصب وأن قدرته من الثلاثي فالرفع وقوله ظفر وذكر مبنيان للنائب ومنها بيان لما متعلق بذكر والضمير يعود على الصفات ثم قال
[*فصل في الجراحات*]
جمع جراحة وجراح بالكسر ويقال أيضا جرح بضم الجيم وسكون الراء ويجمع على جروح. والأصل في مشروعية القصاص في الجروح والأطراف قول الله تعالى وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص الآية فالجروح في الاصطلاح كل ما دون النفس قاله صاحب التوضيح وقال ابن راشد هذه الآية محكمة لا نسخ فيها نعم إنما نخصصه بما كان من ذلك على وجه الخطأ وببعض جراح العمد فقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه اسقط القوة في المأمومة والمنقلة والجائفة والعلة في ذلك الخوف على النفس فيقاس عليها ما في معناها مما يخشى منه التلف كعظام الرقبة والصلب والصدر وكسر الفخذ ورض الأنثيين وما أشبه ذلك ويخص من ذلك أيضا بما تتعذر فيه المماثلة نحو ذهاب بعض النظر والسمع والعقل وما أشبه ذلك لأن المماثلة شرط في القصاص قال الله تعالى فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم فأباح الاعتداء بالمثل دون ما عداه وما تعذرت حقيقته لا يتصور به تكليف ولهذا وجبت القيمة على تلف الدور والدواب والعروض لتعذر المثلية فيها وإلا فالأصل هو أغرام المثل فلما تعذرت المثلية أقيمت القيمة مقامها فكذلك هاهنا لما تعذرت المثلية جعلت الدية مقامها والله اعلم اهـ وإلى هذا أشار الناظم بقوله
(جل الجروح عمدها فيه القود ... ودية مع خطر فيها فقد)