ومن ألد في الخصام وانتهج ... نهج الفرار بعد إتمام الحجج
ينفذ الحكم عليه الحكم ... قطعا لكل ما به يختصم
وغير مستوف لها أن استتر ... لم تنقطع حجته إذا ظهر
لا كنما الحكم عليه يمضي ... بعد تلوم له من يقضى
[(فصل في الاجال)]
لما ذكر الناظم أن المدعى عليه إذا اخذ نسخة من المقال للجواب عنه وانه يؤجل لذلك ناسب أن يكون فصل الاجال عقب فصل المقال والجواب (والاجال) جمع أجل وهو في اللغة مدة الشيء ووقته الذي يحل فيه وهو مصدر أجل الشيء اجلا من باب تعب. واجل أجولا من باب قعد لغة واجلته تاجيلا جعلت له اجلا والاجل على فاعل ضد العاجل وجمع الأجل آجال مثل سبب واسباب واجل مثل نعم وزنا ومعنى قاله في المصباح. وفي الاصطلاح المدة التي يضربها الحاكم للخصم لما عسى أن يأتي بما ينفعه من الحجة. واعلم أن ضرب الأجل للمواعيد سنة ماضية ومعنى قديم اسسه الله تعالى في القضايا وحكم به للامم وعرفهم به مقادير التأني في الأعمال وان اول أجل ضربه سبحانه وتعالى الايام الستة التي مدها لجميع الخليقة فيها وقد كان قادرا في أن يجعل ذلك لهم في لحظة واحدة لأن قوله لشيء إذا اراده أن يقول له كن فيكون إلَّا أنه اراد تعليم الخلق التأني وتقسيم الاوقات على اعيان المخلوقات ليكون لكل عمل وقت وان الأجل إذا ضرب لمعنى يحاول فيه تحصيل المؤجل لاجله فجاءه الأجل ولم يتيسر زيد فيه تبصرة ومعذرة وقد بين الله ذلك في قصة موسى صلى الله عليه وسلم فضرب اجلا ثلاثين ليلة وهو معنى قوله تعالى {وواعدنا موسى ثلاثين ليلة} الاية فخرج لوعد ربه فزاد الله عشرة تتمة اربعين ليلة وهو معنى قوله تعالى {وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة} ثم أن الزيادة التي تكون على