قال الإمام ابن عرفة شهادة السماع لقب لما يصرح الشاهد فيه بإسناد شهادته لسماع من غير معين انتهى فتخرج شهادة البت والنقل أي تخرج شهادة البت بقوله بإسناد شهادته لسماع وتخرج شهادة النقل بقوله من غير معين وسميت بذلك لأن المنقول عنه يقول للناقل أشهد على شهادتي. وهل شهادة السماع ترجع إلى النوع الأول من أنواع الشهادات الخمس بناء على أنها توجب حقًا بلا يمين أو إلى النوع الثاني بناء على أنها توجب حقًا بيمين أو هي غير داخلة فيها ويكون على الناظم درك في إسقاطها من التقسيم تردد. وعن ابن رشد أن لشهادة السماع ثلاث مراتب (الأولى) تفيد العلم واليقين وهي المعبر عنها بالتواتر كالسماع بأن مكة موجودة فهي بمنزلة الشهادة بالرؤية وغيرها مما يفيد العلم (الثانية) شهادة الاستفاضة وهي تفيد ظنًا يقرب من القطع ويرتفع عن السماع مثل الشهادة بأن عبد الرحمن هو ابن القاسم والهلال إذا رآه الجم الغفير من أهل البلد فالشهادة المستندة إليه في هاتين المرتبتين تكون على البت لا بالسماع (الثالثة) شهادة السماع التي لم يبلغ الخبر فيها مبلغ العلم أو مبلغ الظن القوي وأنه لا يجوز فيها الجزم كالمرتبة الأولى والثانية بل يصرح فيها شهودها بالسماع وهي المصطلح عليها عند الفقهاء بحيث إذا أطلقت عندهم لا تنصرف إلا إليها ولا تجوز إلا في مواضع مخصوصة بصفة مخصوصة وشروط لا تصح إلا بها لأنها جاءت على خلاف قول الله تعالى {وما شهدنا إلا بما علمنا} وإنما قبلت للضرورة إليها لأن طول الزمان مظنة هلاك الشهود وقد ذكر الناظم من تلك المواضع المخصوصة عند الفقهاء تسعة عشر موضعًا وإليها أشار بقوله
(وأعلمت شهادة السماع ... في الحمل والنكاح والرضاع)
(والحيض والميراث والميلاد ... وحال إسلام أو ارتداد)