انفرد أحدهما بالطلاق لم ينفذ طلاقه (فإن) قيل فلم عدل القضاة عن الحكمين إلى الأمناء مع أن آيتهما محكمة وهو أمر لا ينبغي (أجيب) بأن الحكام وأهل العلم مجمعون على أنها فريضة وآيتها نص في الحكم باقية على ذلك لم تنسخ ولكن ضاق عليهم شرط الله في أن يجدوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها في كل نازلة مع إجماع العلماء على أن الحكمين إنما يتخيران عالمين فقيهين ذكيين ورعين فلما عز هذا المطلب لجأ الحكام فمن لم يجد من هذه صفتهما من أهل المتشاقين إلى إخراجهما إلى من يوثق بدينه وصلاح حاله من الرجال والنساء لتعرف أحوالهما والاطلاع بهما إلى ما يرجى أن يصلح بينهما فكثيرًا ما يكون ذلك بينهما لا على وجه التحكيم لمن عنده من رجل أو امرأة ولا على وجه الفصل بينهما ولا رأيت قط فيما شاهدت قديمًا وحديثًا أحدًا قضى على متشاقين بشهادة أمين ولا أمينة ولكنهم يحبسون الموصوف بالظلم منهما فلربما رجعا عن ذلك وتتاركا ولم يعودا إليه وهم الأكثرون قاله أبو إبراهيم كذا في العيار (قلت) ولا يكفي هذا الجواب لأنه إذا لم يوجد من أهلهما من تتوفر فيه الشروط بعث من غيرهما وإنما الجواب هو أن تقديم دار الأمين لرجاء اصطلاحهما كما هو الجاري به عمل تونس ولا يكون الترافع في ذلك إلا من لفيف الناس ومن لا يعبأ بهم (فرع) وسئل ابن الحاج عمن جعل أمينًا مع الرجل والمرأة على من تكون نفقة الأمين ومؤنته إن كانت على من طلبها أو على المتعدي وكيف إن أشكل الأمر على الحاكم (فأجاب) النفقة على من طلب الأمينة فإذا أشكل الأمر فعلى الزوج الذي تشتكي منه الضرر حتى يتبين غير ذلك والله أعلم اهـ وفي فائق ابن راشد فإن اتفق الزوجان على الأمينة كانت نفقتهما عليهما عند مالك اهـ ثم قال
[(فصل في الرضاع)]
أقول ينحصر الكلام في هذا الفصل في خمسة أنظار (الأول) في معناه لغة واصطلاحًا (الثاني) في أركانه وهي المرضع واللبن والمحل (الثالث) في الرضاع القاطع للنكاح