أي هذا باب في بيان حقيقة الرهن وبيان ما يتعلق به من حوز وضمان وبطلان واختلاف المتراهنين ويعبر عنها باللواحق (والأصل) في مشروعيته قول الله تعالى {وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبًا فرهان مقبوضة}. وحكم الشرع فيه الجواز في الحضر والسفر وخصه مجاهد بالسفر لظاهر الآية وكافة العلماء على رد ذلك لأن هذا الكلام وإن كان خرج مخرج الشرط فالمراد به غالب الأحوال والدليل عليه أن النبي صلى الله عليه وسلم رهن درعه في طعام وهو بالمدينة ولم يكتب وذلك لأن الكاتب إنما يعدم في السفر غالبًا فأما في الحضر فلا يكون ذلك بحال قاله ابن العربي (وحكمة) مشروعية حفظ المال (والرهن) لغة اللزوم والحبس يقال هذا رهن لك أي محبوس دائم لك قال الله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} أي محبوسة واصطلاحًا يطلق تارة على العقد يقال الرهن صحيح ويطلق تارة على المال المقبوض توثقًا كقول الفقهاء وإن جنى الرهن وغلة الرهن وغير ذلك ولهذا عرفه الإمام ابن عرفة بقوله الرهن مال قبض توثقا به في دين انتهى فيخرج بقوله توثقا به الوديعة والمصنوع بيد سانعه فإن كلا منهما لم يقبض للتوثق به ويخرج به أيضا قبض المجني عليه عبدًا جنى عليه لأنه لم يقبض للتوثق أصلا وإن كان كل من المصنوع والعبد الجاني يشاركان الرهن في الأحقية والاختصاص به عن الغرماء فلا يسميان رهنًا لجواز اشتراك المختلفات في أمر يخصها. وعرفه الوانوغي بقوله عقد لازم لا ينقل الملك قصد به التوثق في الحقوق انتهى وذلك بعد أن قال لإخفاء في إشكال تعريف شيخنا أي ابن عرفة الرهن بأنه مال قبض توثقا به في دين لأنه لا يشمل من الرهن إلا ما هو مقبوض ولا خلاف في المذهب أن القبض ليس من حقيقة الرهن انتهى وكما أنه ليس بركن ليس بشرط في صحتها أيضا إذ يصح الرهن بدونه وإنما القبض شرط في الاختصاص به كما سيأتي قريبًا. ولا يقال أن تعريف الوانوغي يشمل الضمان فيكون غير مانع