ولما ذكر ما يسقط الشهادة من تجريح ورجوع ونقصان شرع يتكلم على ما يسقطها من جهة التعارض والتعارض لغة هو التدافع والتمانع والتنافر كل ذلك متقارب قاله الرصاع وفي الاصطلاح هو أن تشهد بينة بشيء ثم تشهد الأخرى بنقيضه فإنه لا يصح إعمالهما معً لأن فيه جمعا بين نقيضين وهو محال فلا بد من طرح إحداهما وإعمال الأخرى لمرجح يقتضي تقديم المعملة أو طرحها معا أن عدم الترجيح وتعذر الجمع بينهما فالترجيح يكون بأمور (منها) بيان سبب الملك كالنسج والنتاج فإن شهدت إحدى البينتين بأنه ملك لزيد نسجه أو نتج عنده وشهد الأخرى بأنه ملكه فإنها تقدم على من أطلقت لأنها زادت بيان سبب الملك من نسج أو نتاح (ومنها) زيادة عدالة لا عدد إلا إذا كثر العدد جدًا في إحدى البينتين وهل يحلف مقيمها بناء على أن زيادة العدالة كشاهد واحد وهو الراجح أو لا يمين عليه بناء على أنها كشاهدان قولان (ومنها) شهادة الملك فإنها تقدم على شهادة الحوز فقط ولو كان تاريخ الحوز سابقًا لأن الحوز قد يكون عن ملك وغيره فهو أعم من الملك والأعم لا يستلزم الأخص بخلاف العكس إلا إذا شهدت بينة ولو بالسماع أن هذا الحائز أو من ورثها الحائز عنه أو من اشتراها الحائز منه ابتاعها من هذا القائم أو ممن ورثها القائم منه أو ممن اشتراها منه فحينئذ تقدم على بينة الملك كذا في ابن مرزوق عند قول الشيخ خليل وجازت بسماع فشا عن ثقات وغيرهم بملك لحائز متصرف طويلا وقدمت بينة الملك إلا بسماع أنه اشتراها أي الدار مثلا من كأبي القائم اهـ (ومنها) الناقلة على المستصحبة فإذا شهدت بينة أن هذه الدار مثلًا لزيد أنشأها من ماله لا يعلمون أنها خرجت عن ملكه بناقل شرعي وشهدت أخرى أن عمر اشتراها من زيد مثلًا لأن من علم شيئًا يقدم على من لم يعلم وفي الحقيقة ليس هنا تعارض لأن قول المستصحبة لا يعلمونها خرجت عن ملكه لا يقتضي عدم الخروج لأنه يفيد نفي العلم بالخروج لا نفي الخروج وإنما يحصل التعارض الحقيقي لو شهدت المستصحبة بأنها باقية على ملكه إلى الآن أو أنها لم تنتقل عن ملكه