بالنظر إلى فاعله كالصلاة فإن مصلحتها الخشوع والخضوع وإجلال الرب سبحانه وتعالى وتعظيمه وذلك إنما يحصل فيها من جهة فاعلها فإذا فعلها غير الإنسان فانت المصلحة التي طلبها صاحب الشرع ولا توصف حينئذ بكونها مشروعة في حقه فلا تجوز النيابة فيها إجماعًا. ومنها قسم متردد بين هذين القسمين فتختلف العلماء رحمهم الله في أي الشائبتين تغلب عليه كالحج فإن مصالحه تأديب النفس بمفارقة الأوطان وتهذيبها بالخروج عن المعتاد من المخيط وغيره لتذكر المعاد والاندراج في الأكفان وتعظيم شعائر الله في تلك البقاع وإظهار الانقياد من العبد لما لم يعلم حقيقته كرمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة والوقوف على بقعة خاصة دون سائر البقاع وهذه مصالح لا تحصى ولا تصلح إلا للمباشر كالصلاة في حكمها ومصالحها فمن لاحظ هذا المعنى وهو مالك رضي الله عنه ومن وافقه قالوا لا تجوز النيابة في الحج ومن لاحظ الفرق بين الحج والصلاة ومشابهة النسك في المالية فإن الحج والشائبة الأولى أقوى وأظهر وهي التي تحصل في الحج بالذات والمالية إنما حصلت بطريق العرض كما تحصل فيمن احتاج للركوب إلى الجمعات فاكترى لذلك فإن المالية عارضة في الجمعات ولا تصح النيابة فيها إجماعًا فكذلك ينبغي في الحج وهو الأظهر وبه يظهر رجحان مذهب مالك رحمه الله على غيره والله سبحانه أعلم اهـ وتعقبه ابن الشاط بوجود الخلاف في الصلاة والصيام أيضا (والعاقد) ويتناول الموكل بكسر الكاف والوكيل وإليهما أشار الناظم مع بيان الحكم بقوله
(يجوز توكيل لمن تصرفا ... في ماله لمن بذاك اتصفا)
يعني أنه يجوز لمن تصرف في ماله وهو البالغ الرشيد أن يوكل مثله بالغا رشيدا على طلب حقوقه واستخلاص ديونه والبيع والابتياع ونحوها من كل ما تصح فيه النيابة شرعا وفهم منه أن المولى عليه لا يوكل ولا يكون وكيلا وهو كذلك لكن جرى العمل بجواز توكيله على طلب حقوقه المالية أما غيرها فهو كالرشيد فيها ولا يمكن