إذا وقع التنصيص على عدم القبض أو كانت العادة جارية بذلك خصوصًا في المال العظيم لم يكن للوكيل أن يقبض فإن قبضه لم يبرأ الدافع بذلك كما في التبصرة وغيرها وقوله وكلا واغفرا بضم أولهما بالبناء للنائب والفهما للإطلاق وما بعد إذا زائدة وقوله
(وغائب ينوب في القيام ... عنه أب وابن وفي الخصام)
(وجائز إثبات غير الأجنبي ... لمن يغيب واختصامه أبي)
يعني أن الغائب إذا كان له حق عند أحد أو أحدث عليه ضرر في كداره وليس له وكيل يقوم بشأنه فإن لأبيه أو ابنه أن يقوم مقامه ويخاصم عنه في ذلك وأما غير الأب والابن من الأقارب كالأخوة والأعمام وأبنائهم فإنه يمكن من الإثبات لا من الخصومة قال ابن رشد والصواب أن الأب والابن يمكنان من الإثبات والخصومة عن الغائب ومن عداهما من القرابة لا يمكن إلا من الإثبات ولا يمكن من الخصومة وظاهر الروايات أن الأجنبي لا يمكن من شيء انتهى. وفي نوازل البيوع من المعيار نقلا عن اليزناسني ما نصه الذي مضى عليه عمل الموثقين أن القيام بالحسبة في عقار الغائب لا يباح إلا للوالد أو الولد أو الأخ من جميع الجهات فإنه يمكن من الخصومة فإن آل الأمر إلى تعجيز المطلوب أشهد القاضي بما ثبت عنده ويقيد مبلغ نظره ويشهد عليه على مذهب من لا يجيز أن يخرج العقار من يد المطلوب إلى أن يقدم الغائب ويعرف ما عنده إذ لعل الغائب يقر للمطلوب بالملك ونحو ذلك مما ينتفع به المطلوب فهذا هو المعتمد عليه في المسئلة وقد ذكر ابن رشد فيها خمسة أقوال فذكرها ثم قال وما ذكرناه أولا عن الموثقين هو الذي به العمل أن شاء الله تعالى انتهى وأما الجد فداخل في الأب إذ المراد به الجنس فلا يكون أقل درجة من الأخ بل هو أعلى منه في كل موضع وقيل يمكن من ذلك القريب والأجنبي قال التاودي ومحل الخلاف ما لم يتعلق بالقائم عن الغائب ضمان للشيء المدعي فيه كالمرتهن لما يغلب عليه والمستعير أو حق كاستيفاء المرتهن حقه من ذلك العبد أو الدابة واستيفاء الزوجة نفقتها من ثمنها فلها أن تقيم البينة بملكها للغائب وينزعان ممن هما بيده ويباعان في النفقة أو الدين والله أعلم