إضافته إلى الأفعال وذلك الفعل غير مذكور في الآية فليست إضافة هذا التحريم إلى بعض الأفعال التي لا يمكن إيقاعها في ذوات الأمهات والبنات أولى من بعض فصارت الآية مجملة من هذا الوجه (فأجاب) عنه بعض الشافعية من وجهين (الأول) أن تقديم قوله تعالى: {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم} يدل على أن المراد من قوله: {حرمت عليكم أمهاتكم} تحريم نكاحهن (الثاني) أن من المعلوم بالضرورة من دين محمد صلى الله عليه وسلم أن المراد منه تحريم نكاحهن والأصل فيه أن الحرمة والإباحة إذا أضيفتا إلى الأعيان فالمراد تحريم الفعل المطلوب منها في العرف فإذا قيل: {حرمت عليكم الميتة والدم} فهم كل أحد أن المراد تحريم أكلها وإذا قيل: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم} فهم كل أحد أن المراد تحريم نكاحهن. ولما قال عليه الصلاة والسلام: لا يحل دم امرئ مسلم إلا لإحدى معانٍ ثلاث، فهم كل أحد أن المراد لا يحل إراقة دمه وإذا كانت هذه الأمور معلومة بالضرورة كان إلقاء الشبهات فيها جاريًا مجرى القدح في البديهيات وشبه السوفسطائية فكانت في غاية الركاكة والله أعلم (وقال) الفاكهاني ويجري مجرى النص عندنا ما علم المراد به من جهة عرف التخاطب وإن لم يكن نصًا نحو قوله تعالى: {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم} و {حرمت عليكم الميتة} إذ ليس بنص في تحريم وطء الأمهات ولا في تحريم أكل الميتة وإنما هو مجاز لأنه علق التحريم على الأعيان والمراد تحريم الأفعال فيها لأن اللفظ لما كثر استعماله فيما هو مجاز فيه خرج عن حد المجاز ولحق بالحقيقة وكذا لو قال حرمت عليكم الفرس فهم منه الركوب أو حرمت عليكم الجارية فهم الوطء دون ما عداه لأنه المقصود منها وبعض الحنفية يدعي في ذلك الإجمال وليس بصحيح لما قدمناه اهـ (وقال) ابن العربي قد بينا بين الله لكم وبلغكم في العلم أملكم أن التحريم ليس بصفات أعيان لحرمة وأن الأعيان ليست موردًا للتحليل والتحريم ولا مصدرًا وإنما يتعلق التكليف بالأمر والنهي بأفعال المكلفين من حركة وسكون لكن الأعيان لما كانت موردًا للأفعال أضيف الأمر والنهي والحكم إليها وعلق بها مجازًا بديعًا على معنى الكناية بالمحل عن