لأن الفاسق وإن لم يكن عنده وازع ديني فعنده وازع طبيعي يمنعه أن يوقع وليته في دناءة والوازع الطبيعي أقوى. وكره القاضي أبو محمد ولاية الفاسق مع وجود عدل قال فإن عقد جاز ونظم بعضهم جميعها فقال
شروط الولي لعقد النكاح ... تلوح بخير كضوء الصباح
فأولهن ذكورية ... فإياك واحذر وقوع السفاح
ومنها بلوغ وحرية ... وإسلام دين هدى للفلاح
وتمليك نفس وعقل وعدل ... ورشد أتاك كنظم الوشاح
(ولما) كانت الولاية على قسمين عامة وخاصة فالعامة ولاية الإسلام. والأصل فيها قول الله عز وجل:{والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض}. والخاصة ولاية النسب والسبب فالنسب كالأبوة والبنوة وما شاكلها في العصوبة كالأخوة والجدودة والعمومة والسبب الملك والإيصاء والتولية بالتوكيل والولاء. والولاية الخاصة مقدمة على الولاية العامة ولها مراتب شرع الناظم في بيانها وهو أول الكلام على اللواحق فقال
(فالأقربين بعد بالترتيب ... بحسب الدنو في التعصيب)
يعني أن المالك مقدم على سائر الأولياء فيعقد على أمته ولو كان لها أب أو ابن حران إذ لا حق لهما معه في الولاية. وأن الابن ولو سفل مقدم على الأب إذا لم تكن المنكوحة مجبرة له ولا جدد عليها الحجر بشروطه الآتية في بابه وإلا فالأب أو وصيه مقدم على ابنها. وإن الأب الشرعي فالأب من زنى لا عبرة به مقدم على الأخ والأخ مقدم على ابنه. وابن الأخ مقدم على جد النسب وإن سفل. واحترز بقيد النسب من الجد لأم كما تقدم (ثم) الأقربين الأعمام وأبنائهم وسائر العصبة بعد من ذكر مرتبين الأقرب فالأقرب بقدر القرب في التعصيب في الميراث فيقدم الشقيق على غيره وبقي على الناظم المولى الأعلى وهو المعتق بكسر التاء ذو الولاء ثم الكافل ثم القاضي