أمانتهم وكثرة ضررهم بمحاجيرهم فهو من باب سد الذرائع الذي هو قاعدة من قواعد المذهب فقد تحدث للناس أقضية بقدر ما أحدثوا من الفجور قاله عمر بن عبد العزيز رضي الله تعالى عنه ومع هذا التشديد والاحتياط لم ينقطع تحيلهم على أكل أموالهم بالباطل فإنا لله وإنا إليه راجعون واعلم أن هذا العمل جدير بالإتباع لما فيه من دفع الضرر وجلب المصلحة وترك النزاع إلى غير ذلك من مهمات الأمور فهو فعل مبرور وصاحبه مأجور وقول الناظم وثاق بفتح الواو وكسرها وقوله
(وما اشترى المريض وما باعا ... إن هو مات بأبى الامتناعا)
(فإن يكن حابي به فالأجنبي ... من ثلثه يأخذ ما به حبي)
(وما به الوارث حابي منعا ... وإن يجزه الوارثون اتبعا)
يعني أن ما اشتراه المريض أو باعه في حال مرضه ولو كان مخوفا ومات منه فإن شراءه أو بيعه جائز نافذ لا يمنع ولا يفسخ لأنه لا حجر على المريض في المعاوضات بخلاف التبرعات كما يأتي هذا أن اشترى أو باع بالقيمة أما أن أشتري شيئا بأكثر من ثمنه بكثير بقصد نفع البائع أو باع بأقل من قيمته بكثير بقصد نفع المشتري وظهرت المحاباة منه بذلك فإن كان الذي حاباه أجنبيا فالشراء أو البيع نافذ ويكون ما حابى به من الثلث فإن حمله الثلث أو كان أقل منه مضى وإن كان أكثر من الثلث فللورثة رد الزائد ولهم إمضاؤه أما إذا لم يقصد بذلك نفع البائع أو المشتري بأن وقع منه ذلك جهلا بقيمته فهو غبن لا رد به على المشهور المعمول بهه كما يأتي وإن كان الذي حاباه وارثا ردت المحاباة فقط وصح ما عداه وإذا أجازت الورثة فعله فيهما فإنه ينفذ ويصح بشرط الحوز لأنه ابتداء عطية (تنبيه) ما تقدم للناظم إنما هو في المحاباة في ثمن المبيع وأما إن كانت المحاباة في عين المبيع مثل أن يقصد إلى خيار ما يملكه فيبيعه من ولده بمثل الثمن أو أكثر فللورثة نقض البيع في ذلك قاله اللخمي والتونسي وغيرهما كما في التسولي نقلا عن الفائق وقوله ثلثه بسكون اللام وحبي مبني للنائب وقوله