يجوز تحبيس الدنانير والدراهم لقصد السلف بشرط أن توضع تحت يد أمين بإشهاد على أن يسلفها لمن احتاج إليها بمن كان مليًا أما برهن أو حميل احتياطًا أو بلا شيء بحسب ما يراه الذي وضعت تحت يده (وقوله) الحبس بسكون الباء لغة كما مر. وقوله منوع العين من إضافة الصفة إلى الموصوف أي العين المنوعة إلى ذهب وفضة (تنبيه) يشترط في صحة ما أريد تحبيسه أن يكون مملوكًا ذاتًا أو منفعة بان كان بكراء وسواء كانت مدة كرائه محدودة فإذا انقضت يرجع ملكًا لصاحبه أو كانت غير محدودة وهو ما كان على وجه الإنزال على القول المعمول به كما في البناني وغيره وأما الإنزال فإن كان على أصل حبس كما هو الغالب فلا يصح تحبيسه لأنه حبس والحبس لا يحبس وإن كان على أصل ملك كما يقع في بعض حوانيت السرقة وديار سكنى اليهود بتونس صح تحبيسه كما يصح تحبيس السلاطين إذا كان على وجوه البر وإلا فلا كتحبيس الفضولي لأنه ليس في مقابلة عوض ولو رضى المالك بخلاف البيع ثم قال
(ولا يصح في الطعام واختلف ... في الحيوان والعروض من سلف)
يعني أن تحبيس الطعام غير صحيح لأن المنفعة فيه هي استهلاك عينه وما درج عليه الناظم في هذا الفرع ضعيف والمذهب جواز الحبس فيه وفي كل ما لا يعرف بعينه إذا غلب عليه لأنه يؤتى بمثله بخلاف المقطع المتقدم فإنه لا يمكن الإتيان بمثله، واختلف المتقدمون رحمهم الله تعالى في تحبيس الحيوان والعروض والمشهور الجواز (وقوله) واختلف بفتح اللام فعل ماض من بفتح الميم اسم موصول فاعله وجملة سلف أي تقدم صلته (والركن الثالث) المحبس عليه وشرطه أن يكون من أهل التملك وهو ما يجوز صرف منفعته له أو فيه فالأول أشار إليه الناظم بقوله
(وللكبار والصغار يعقد ... وللجنين ولمن سيوجد)
يعني أنه يجوز الحبس على الإنسان مسلمًا كان أو كافرًا غير حربي كبيرًا كان أو صغيرًا غنيًا كان أو فقيرًا وعلى الجنين في بطن أمه وعلى من ليس بموجود أصلا كمن يولد