معناه أن من أخذ شيئًا من ماله وبتله صدقة به على معين سماه بلسانه أو نواه بقلبه جازمًا بذلك غير متردد فيه فلا يجوز له أن يتصدق به على آخر فإن فعل غرمه للمعين وأما إذا أراد أن يعطي شيئًا لمسكين لم يبتله لا بقول ولا بنية فإنه يكره له أن يرده إلى ماله كما يكره له أن يعطيه إلى غيره ثم قال
(وللأب القبض لما قد وهبا ... ولده الصغير شرعا وجبا)
(إلا الذي يهب من نقديه ... فشرطه الخروج من يديه)
(إلى أمين وعن الأمين ... يغني اشتراه هبه بعد حين)
(وإن يكن موضع سكناه يهب ... فإن الإخلاء له حكم وجب)
يعني أن الأب إذا وهب ملكًا لولده الصغير وكذا البالغ السفيه فإنه هو الذي يحوزه له ولا يبطله بقاؤه تحت يده إلا إذا وهب له ما لا يعرف بعينه كالنقدين فلا يكفي أن يكون هو الحائز له بل لابد من خروجه من يده إلى أمين أو يشتري له بذلك النقد أو بثمنه إن كان غير نقد كطعام شيئًا باسمه وسواء كان الشراء حين الهبة أو بعد حين قبل حصول المانع وكذا لا يحوز الأب لمحجوره دار سكناه بل لابد من خروجه منها وإخلائها من أمتعته وشواغله ويكريها للغير فحينئذ تصح الهبة ولو صرف الأب الغلة في مصالح نفسه على ما أفتى به الغبريني وابن عرفة وغيرهما وهو القول الأرجح وبه العمل وعليه فإن الغلة التي صرفها الأب في مصالح نفسه تكون دينًا في ذمته ولوده طلبه بها متى شاء وقول الناظم وجبا الخ معناه إذا لم يجد الأب غيره ممن يصلح للحوز لابنه أو المراد بالوجوب على جهة الكمال لا الوجوب المقابل للحرام لأنه يجوز له أن يوكل من يحوز لولده قريبًا كان أو أجنبيًا كما تقدم والله أعلم ثم قال
(ومن يصح قبضه وما قبض ... معطاه مطلقًا لتفريط عرض)