يعني أن المحوز عنه إذا كان غائبًا فأما أن تكون غيبته بعيدة جدًا كمن كان على سبعة أيام أو ثمانية فإن حيازة الحائز لا تقطع حكم المحوز عليه علم بذلك أو لم يعلم طال الزمان أو لم يطل إلا أنه يستحب له إذا علم أن يشهد بأنه باق على حقه وإن لم يشهد لم يضره ذلك كما في ابن رحال نقلًا عن الرجراجي (وأما) أن تكون متوسطة بين القرب والبعد كالأربعة والخمس والست فلا خلاف أنه على حقه إذا لم يعلم بالحوز واختلف إذا علم به هل يقطع حجته على قولين أحدهما أنه مهما علم ولم يخرج أو لم يوكل فهو كالحاضر فلا حق له بعد ذلك والأخر أن علمه لا يقطع حجته ولا تعمل عليه الحيازة إذ قد يكون له عذر لآيتيين وهو معذور وهذا قول ابن قاسم المرجوع إليه وهو الراجح قال المشاور وبه العمل كما في الرهوني وغيره (وأما) أن تكون قريبة كاليومين والثلاثة فإن لم يعلم بحيازة الأجنبي فهو على حقه طال الزمان أو قصر وإن علم فإن كان المحوز عنه رجلًا فهو كالحاضر لا قيام له لانقطاع حجته وإن كان امرأة فحكمها حكم الغائب غيبة بعيدة فهي على حقها ولها القيام ولو كانت المسافة أقل من يوم وإنما يكون اليوم واليومان كالحضور مع الأمن وأما مع الخوف فكالبعيد وتقدم نحوه في الحكم على الغائب (ولما) تكلم على القسم الأول شرع يتكلم على القسم الثاني وقسمه بالنظر إلى كيفية الحوز إلى ثلاثة أقسام لأنه أما إن يكون بأضعف وجوه الحيازة وأما أن يكون بأقواها وأما أن يكون متوسطًا وإلى ذلك كله أشار الناظم بقوله
(والأقربون حوزهم مختلف ... بحسب اعتمارهم يختلف)
(فإن يكن بمثل سكنى الدار ... والزرع للأرض والاعتمار)
(فهو بما يحوز الأربعينا ... وذو تشاجر كالابعدينا)
(ومثله ما حيز بالعتاق ... ما كان أو بالبيع باتفاق)
(وفيه بالهدم وبالنيان ... والغرس أو عقد الكرا قولان)