القرض يوجد ويلزم بدون دفع لأنه يلزم بالقول وقد يجاب بأن المعنى عقد على دفع متمول. وأشار الناظم إلى حكمه فقال
(القرض جائز وفعل جار ... في كل شيء ما عدا الجوار)
يعني أن القرض مأذون فيه وهو مستثنى من بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والطعام بالطعام إلى أجل لأنه معروف (وقد) يجب في مجاعة ونحوها. ويحرم إذا كان فيه إعانة على فعل محرم ويكره إذا كان يعين على أمر مكروه وهو مرغوب فيه حتى أنهم قالوا الأصل فيه الندب وقد وردت فيه أحاديث وآثار تدل على أفضليته حتى على الصدقة. والقراض فعل جار في كل شيء يحل تملكه ولو لم يصح بيعه كجلد ميتة مدبوغ ولحم أضحية على أحد قولين وملء الضرف المجهول إلا الجواري خاصة فإنه يجوز تملكهن ولا يجوز قرضهن لأن ذلك يؤدي إلى عارية الفروج لأن المقترض له أن يرد الشيء بعينه بعد الغيبة عليه والانتفاع به ما لم تتغير صفته فلو جاز في الجواري لكان المقترض يستمتع بها ثم يردها فيؤدي إلى إباحة الفروج من غير نكاح ولا ملك وهو أمر لا يجوز فإن وقع ونزل ردها ما لم يطأها فإن فاتت بالوطء كان الواجب عليه قيمتها لا رد مثلها فلهذا إذا أمن الوطء بأن كانت لا تحل للمقترض أو كان صبيًا أو امرأة أو شيخًا فانيًا أو اشترط عليه أن لا يرد عينها وإنما يرد مثلها كما في التوضيح جاز. ومثل الجواري في المنع ما لا يمكن الوفاء بمثله كالدور والأرضين وما لا تحصره الصفة كتراب المعدن والجزاف إلا إذا كان قليلًا كرغيف برغيف. وقوله
(وشرطه أن لا يجر منفعه ... وحاكم بذاك كل منعه)
يعني أنه يشترط في جواز القرض أن لا بجر منفعة للمقرض بالكسر وعلى هذا فالقرض المقتضي والحاكم بحر المنفعة للمقرض كقرضه شيئًا رديا ليرد له جيدًا كما تقدم في البيوع مستوفي منعه كل فقيه ولا أظن أحدًا من المسلمين يقول بجوازه ثم قال