فسد العلمآء في ذلك مسد الأنبياء وقاموا مقامهم فكأنهم في المعنى انبيآء لانهم يكلمون الناس بما أوحى الله تعالى والوحي اوتي اليهم بواسطة الرسول والتعليم كما أوتي الوحي إلى الرسول بواسطة الملك وقد جعل الله تعالى رتبتهم تلي رتبة الأنبياء. قال عز وجل وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فقيل أولوا الامر علماء الدين كما تقدم إلَّا أن قوله عليه الصلاة والسلام وان الانبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وانما ورثوا العلم تنبيه على أن جمع الحطام ليس من شيم الانبياء عليهم الصلاة والسلام وحق الوارث لهم والنازل منزلتهم أن يكون فيما ورثه عنهم لا يتخذ العلم سوقا ويجعله لكسب الدنيا طريقا. قال سحسون رحمه الله لأن اطلب الدنيا بالدف والمزمار أحب إلي من أن اطلبها بالدين. وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين ولفيقه واحد أشد على ابليس من الف عابد ولكل شيء قوام وقوام الدين الفقه ولكل شيء دعامة ودعامة الدين الفقه. واما ما جاء في ذلك من الاثار عن السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم فعن معاذ رضي الله عنه أنه قال تعلموا العلم فإن تعلمه له حسنة وطلبه عبادة ومذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد وتعليمه لمن لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة. وعن وهب ابن منبه قال يتشعب من العلم الشرف وان كان صاحبه دنيا والعز وان كان مهينا والقرب وان كان قصيا والغنى وان كان فقيرا والمهابة وان كان وضيعاً والسيادة وان كان سفيها. وعن الفضيل رضي الله عنه عالم معلم يدعي كبيرا في ملكوت السماوات. وقيل العالم كالعين العذبة نفعها دائم. وقال الشافعي رحمه الله طلب العلم افضل من صلاة النافلة. وقال ليس بعد الفرآئض افضل من طلب العلم. وقال من اراد الدنيا فعليه بالعلم ومن اراد الخرة فعليه بالعلم. وقال أن لم يكن العلمآء اولياء فليس لله ولي. وقال البخاري في أول كتاب الفرآئض من صحيحه قال عقبة بن عامر رضي الله عنه تعلموا العلم قبل الظانين قال البخاري يعني الذين يتكلمون بالظن ومعناه تعلموا العلم من الهله المحققين الورعين قبل ذهابهم ومجيء قوم يتكلمون في العلم تميل اليه