للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن من أراد الصعود على سطح داره لإصلاح ونحوه يخبر الجيران بذلك حتى يستوفي عمله ثم قال

(وما بنتن الريح يؤذي يمنع ... فاعله كالدبغ مهما يقع)

يعني أن الضرر الحادث على الجار إذا كان بنتن الرائحة كالدبغ أو فتح مرحاض بدون غطاء فإن فاعله يمنع منه لأن الرائحة المنتنة تخرق الخياشيم وتصل إلى الأمعاء فتضر وتؤذي الأسنان بالمادة الفاسدة التي تصل إليها. والأصل في هذا قوله عليه الصلاة والسلام من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يقرب مسجدنا فلهذا منع إحداث كل ما له رائحة تؤذي وبه العمل وهذا الحكم في الحقيقة ليس خاصا بالجار بل هو من الحق العام. وقوله بنتن متعلق بيوذي وجملة يمنع فاعله من الفعل ونائب الفاعل خبر ما الموصلة الواقعة على الضرر وصلتها جملة يؤذي ثم قال

(وقول من يثبته مقدم ... على مقال من بنفي يحكم)

يعني أن من أحدث أمرا في ملكه فأدعى جاره أن عليه فيه ضررًا وطلب إزالته وأدعى محدثه أنه لا ضرر عليه فيه وأمتنع من أزالته وأقام كل واحد منهما بينة من أهل البصر والمعرفة على دعواه فبينة من أدعى الضرر مقدمة على من نفاه عند التكافؤ ثم شرع يتكلم على حكم الجدار الساتر بين دارين وشبههما وهو أما أن يكون ملكًا لأحد مالكي الدارين أو يكون مشتركًا بينهما وقد أشار إلى الأول منهما فقال

(وإن جدار ساتر تهدما ... أو كان خشية السقوط هدما)

(فمن أبى بناءه لن يجبرا ... وقيل للطالب إن شئت استرا)

(وعامد للهدم دون مقتض ... عليه بالبناء وحده قضي)

(إن كان ذا وجد وكان ماله ... والعجز عنه أدبا أناله)

<<  <  ج: ص:  >  >>